-
خطبة الشارح
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
باب فضل العلم
-
باب من سئل علما وهو مشتغل في حديثه
-
باب من رفع صوته بالعلم
-
باب قول المحدث: حدثنا أو أخبرنا
-
باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم
-
باب القراءة والعرض على المحدث
-
باب ما يذكر في المناولة وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان
-
باب من قعد حيث ينتهي به المجلس
-
باب قول النبي: رب مبلغ أوعى من سامع
-
باب العلم قبل القول والعمل
-
باب ما كان النبي يتخولهم بالموعظة
-
باب من جعل لأهل العلم أياما
-
باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
-
باب الفهم في العلم
-
باب الاغتباط في العلم والحكمة
-
باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر إلى الخضر
-
باب قول النبي: اللهم علمه الكتاب
-
باب متى يصح سماع الصغير
-
باب الخروج في طلب العلم
-
باب فضل من علم وعلم
-
باب رفع العلم وظهور الجهل
-
باب في بيان فضل العلم
-
باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها
-
باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس
-
باب تحريض النبي وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان
-
باب الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله
-
باب التناوب في العلم
-
باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره
-
باب من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدث
-
باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه
-
باب تعليم الرجل أمته وأهله
-
باب عظة الإمام النساء وتعليمهن
-
باب الحرص على الحديث
-
باب كيف يقبض العلم
-
باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم؟
-
باب من سمع شيئا فراجع حتى يعرفه
-
باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب
-
باب إثم من كذب على النبي
-
باب كتابة العلم
-
باب العلم والعظة بالليل
-
باب السمر بالعلم
-
باب حفظ العلم
-
باب الإنصات للعلماء
-
باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم؟
-
باب من سأل وهو قائم عالما جالسا
-
باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار
-
باب قول الله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}
-
باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس
-
باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا
-
باب الحياء في العلم
-
باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال
-
باب ذكر العلم والفتيا في المسجد
- باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله
-
باب فضل العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب صفة الصلاة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
أبواب التطوع
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
باب جزاء الصيد
-
باب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
كتاب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
كتاب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
بَيَانُ اسْتِنْبَاطِ الأَحْكَامِ:
الأوَّل: قالَ ابن بَطَّالٍ: فِيهِ: مِنَ الفِقهِ أَنَّه يجوزُ لِلْعالمِ إذَا سُئِلَ عنِ الشَّيءِ أنْ يُجيبَ بِخِلافِهِ إِذَا كانَ في جَوابِهِ بَيانُ ما يُسأَلُ عنْهُ، وأَمَّا الزِّيادةُ على السؤَالِ؛ فحكْمُ الخفِّ، وإِنَّمَا زادَ صلعم ؛ لِعِلْمِهِ بِمَشَقَّةِ السَّفَرِ، وبما يَلحَقُ النَّاسَ مِنَ الْحَفي بِالمشي؛ رَحمةً لهمْ؛ وكذلكَ يجبُ للعَالمِ أنْ ينَبِّهَ النَّاسَ في المسائِلِ على ما يَنْتفعُونَ بِهِ ويتَّسعونَ فِيهِ ما لمْ يكنْ ذَريعةً إلى ترخيصِ شيءٍ منْ حُدودِ اللهِ تعالى.
الثاني: فِيهِ بَيانُ حُرْمةِ لُبْسِ الأَشياءِ المذكورةِ على الْمُحْرِمِ، وهذا إِجماعٌ.
الثَّالثُ: فِيهِ حُرْمةُ لُبْسِ الثَّوبِ الَّذيْ مسَّه وَرْسٌ أوْ زَعفرَانُ، وأطْلقَ حرْمتَهُ جمَاعةٌ؛ منْهمْ: مجاهدٌ وهِشامُ بْنِ عرْوةَ وعُروةُ بْنَ الزُّبَير ومَالكٌ في رِوايةِ ابْنِ القَاسِمِ عنْه، فإِنَّهمْ قَالُوا: كُلُّ ثَوبٍ مَسَّهُ وَرْسٌ أو زَعفرانُ لا يجوزُ لُبْسهُ لِلْمُحرِمِ، سَواءٌ كانَ مَغسولًا أوْ لمْ يَكنْ؛ لإطْلاقِ الحديثِ، وإِليهِ ذَهبَ ابْنُ حزْمٍ الظَّاهِريُّ، وخَالَفَهمْ جمَاعةٌ؛ وهمْ: سعيدُ بْنُ جُبيرٍ وعَطاءُ بْنُ أبيْ رَباحٍ والحَسنُ البصرِيُّ وطاوُوسٌ وقَتادةُ وإِبراهيمُ النَّخْعِيُّ وسُفْيَانُ الثَّوْريُّ وأَبو حنِيفَةَ ومَالِكٌ والشَّافعِيُّ وأحْمدُ وإِسْحاقُ وأبو يُوسُفَ ومُحَمَّدٌ وأبو ثَوْرٍ، فإِنَّهمْ أَجازوْا لِلمُحرِمِ لُبسَ الثَّوبِ المصْبوغِ بالْورْسِ أو الزَّعفرَانِ إِذا كانَ غَسيْلًا لا يُنْفَض؛ لأنَّهُ وردَ في حَديثِ ابْنِ عمرَ المذْكورِ: إلَّا أنْ يكونَ غسيْلًا، وأخرج هذِهِ الزِّيَادَةَ الطَّحاوِيُّ في «مَعَانِي الآثَارِ»: (حدَّثنا فهدٌ قال: حَدَّثنا يحيى بْنُ عَبدِ الْحَميْدِ قَالَ: حدَّثنا أبو مُعاوِيَةَ. [(ح) : وحدَّثنا ابْنُ أبي عِمرانَ قالَ: حدَّثَنَا عبدُ الرَّحمنِ بْنِ صالِحٍ الأَزْدِيُّ قَالَ: حدَّثنا أبو مُعاويَةَ] عنْ عُبيدِ اللهِ بْنِ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمرَ ☻، عنِ النَّبِيِّ صلعم ...، مِثْلَ الحديثِ المذْكورِ، وزادَ: (إِلَّا يَكُونَ غَسِيلًا)، قالَ ابْنُ أبي عِمرَانَ: رأيتُ يحيى بنَ مَعِينٍ وهُوَ يتعجَّبُ مِنَ الْحِمَّانِيِّ إذْ يُحدِّثُ بِهذَا الحديثِ، فقَالَ لهُ عبدُ الرَّحمنِ: هذَا عنْدي، ثمَّ وَثبَ مِنْ فَورِهِ فجاءَ بِأَصْلِهِ، فَأخرَجَ منه هذَا الحدِيثِ عنْ أبيْ مُعاوِيةَ كمَا ذَكرَه يَحيى الْحِمَّانِيُّ، فَكتبَ عنْهُ يَحيى بْنُ مَعِينٍ، فقدْ ثَبتَ بمَا ذَكرْنَا اسْتِثْنَاءَ رَسولِ الله صلعم الْغَسيْلَ ممَّا قدْ مسَّه ورَسٌ أوْ زَعفرَانُ، انْتَهى كلامُهُ.
فإِنْ قُلتَ: قالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَلا نَعلَمُهُ صَحِيحًا، وقالَ أحْمَد ابن حَنْبَل: أبو معاوِيَةَ مضْطرِبُ الحَديثِ في أَحاديثِ عُبيدِ الله، ولمْ يجِئْ بِهذَا أحدٌ غَيرهُ، إِلَّا أنْ يكونَ غَسِيلًا.
قلتُ: هَذا يَحيى بْنُ مَعيْنٍ كانَ أوَّلًا يُنكِرُ على يَحيى بْنِ عبدِ الحميدِ الْحِمَّانِيِّ، ويقولُ: كيفَ يحدِّثُ بِهذَا الحديثِ؟ ثمَّ لمَّا قَالَ لهُ عبدُ الرَّحمنِ بْنُ صَالحٍ الأَزْدِيُّ: هذَا الحدِيثُ عِندِي، وَأخرَجَ لهُ أَصلَه عَنْ أبي مُعاوِيةَ، كَمَا ذَكَرَهُ الْحِمَّانِيُّ بِهذِهِ الزِّيَادَةِ؛ كَتَبَ عنْهُ يَحيى بْنُ مَعِينٍ، وَكَفى حُجَّةً لِصحَّةِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ شَهَادَةُ عبدِ الرَّحمنِ، وكِتَابَةُ يَحيى بْنُ مَعِينٍ، ورِوَايَةُ أَبيْ مُعَاوِيَةَ، وأبُو مُعاويَةَ ثِقَةٌ ثِبْتٌ، وقَوْلُ ابْنُ حَزمٍ: (ولا نعْلَمُهُ صحيحًا)، نَفْيُ لعِلْمِهِ بِصحَّتِهِ، فهذَا لا يَسْتلْزِمُ نَفْيَ صِحَّتِهِ فيْ عِلْمِ غَيرِهِ؛ فَافْهمْ.
الرَّابِعُ: فيهِ جَوازُ لُبْسِ الخفَّيْنِ إِذَا لَمْ يجِدِ النَّعلينِ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ قَطْعِهِمَا، فَالجُمْهورُ على وُجُوبِ القَطْعِ، كمَا ذَكرْنا، وجَوَّزَه أحمدُ بِغيرِ قَطعٍ، وهوَ مذهبُ عطاءٍ أَيضًا، واسْتدلَّا في ذلكَ بظاهرِ حديثِ جابرٍ، وأَخرجهُ مُسلمٌ: «مَنْ لمَ يَجِدْ نَعلَيْنِ؛ فَلْيلْبس خُفَّيْنِ»، وَبِحَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخرجهُ البُخَاريُّ: «وَمَنْ لمَ يجِدْ نَعْلَيْنِ؛ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ»، واخْتَلفَ العُلَمَاءُ فيْ هذَيْنِ الْحَدِيثَينِ، أعني: حديثَ ابنِ عُمرَ المذكورَ، وحديثَ ابنِ عَبَّاسٍ وجابرٍ؛ فَزَعَمَ أصحابُ أحمدَ أنَّ حديثَ ابن عَبَّاس وجابرٍ ناسخٌ لحديثِ عبد الله بن عُمَر بالقَطعِ؛ لأنَّهُ إضاعَةُ مالٍ، وقال / الجمهور: الْمُطْلق مَحمولٌ على الْمُقَيَّدِ، وزيادَةُ الثِّقَةِ مَقبولَةٌ، والإضاعَةُ إنَّما تكونُ فيما نُهِيَ عنه، أمَّا ما وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ؛ فَليْسَ إضاعَةً، بَلْ هُوَ حَقٌّ يَجِبُ الإيمانُ بِهِ، وادِّعاءُ النَّسخ ضعيفٌ جِدًّا.
فإنْ قُلتَ: قالَ ابنُ قُدامَةَ: يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ الأمرُ بِقَطْعِهما قد نُسِخَ؛ فإنَّ عَمْرو بنَ دينارٍ روى الحديثين جميعًا، وقال: انظروا أيُّهما كانَ قَبْلُ؟ وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: قال أبو بكر النَّيسابوريُّ: حديثُ ابنِ عمرَ قَبلُ؛ لأنَّهُ قد جاءَ في بعض رواياتِهِ: (نادى رجلٌ رسولَ الله صلعم في المسجِدِ) يعني: في المدينة، فكأنَّهُ كان قَبْلَ الإحرامِ، وحديثُ ابن عَبَّاسٍ يَقولُ: (سَمِعْتُهُ يَخْطُبُ بعرفاتَ....) ؛ الحديث، فيدلُّ على تأخُّرِهِ عَن حديثِ ابن عُمَرَ، فيكونُ ناسخًا لَهُ؛ لأنَّهُ لَوْ كانَ القَطْعُ واجبًا؛ لبَيَّنَهُ للنَّاسِ؛ إذ لا يجوزُ تأخِيرُ البيانِ عَن وقتِ الحاجَةِ إليه.
قلت: يُفْسِدُ هذا كلَّه ما ذكره ابنُ خُزَيْمَةَ في «صحيحه» عَنِ ابن عَبَّاسٍ: (سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم وهو يَخْطُبُ ويقول: «السَّراويلُ لِمَنْ لا يجدُ الإزارَ»، وحدَّثنا أحمدُ بن المقدام، حدَّثنا حَمَّاد بن زيد عَن أيُّوبَ، عن نافعٍ، عن ابن عُمَرَ: (أنَّ رَجلًا سألَ النَّبِيَّ صلعم وهو بذاكَ المكان، فقال: يا رسول الله؛ ما يلبس الْمُحْرِمُ؟...) ؛ الحديث، كأنَّهُ يُشيرُ بذلك المكان إلى عَرفاتَ، فإذا كانَ كذلك؛ فليسَ فيه دلالَةٌ على ما ذَكروهُ وادَّعوه مِنَ النَّسخِ، والله أعلمُ.
فإنْ قُلتَ: قد قِيلَ: إنَّ قَولَهُ: (وليقطعْهما) مِن كلامِ نافِعٍ، وكذا في «أمالِي أبي القاسِم بن بشرٍ» بِسَنَدٍ صحيحٍ: أنَّ نافعًا قالَ بعدَ روايته للحديث: (وليقْطعِ الخُفَّين أسفلَ الكَعبينِ).
وذكرَ ابن العربِيِّ وابن التِّينِ أنَّ جَعفرَ بن برقان قال في روايتِهِ: (قال نافِعٌ: وتُقْطَعُ الخِفاف أسفلَ مِنَ الكعبينِ، وقالَ ابنُ الجوزيِّ: روى حديثَ ابن عُمَرَ مالكٌ وعُبيدُ الله وأيُّوب في آخَرِين، فَوَقَفوه على ابن عُمَرَ، وحديثُ ابنِ عَبَّاس سَالِمٌ مِنَ الوَقْفِ مع ما عضده مِن حديثِ جابِرٍ، وقد أخذ بحديثِنا عُمرُ وعليٌّ وسعدٌ وابن عَبَّاس وعائشة ♥ ، ثُمَّ إنَّا نَحْمِلُ قولَهُ: (وَلْيَقْطَعْهُمَا) على الْجَوازِ مِن غيرِ كراهَةٍ لأجلِ الإحرامِ، ويُنْهَى عن ذلكَ في غيرِ الإحرامِ؛ لِمَا فيه مِنَ الفَسادِ.
قلتُ: قال أبو عُمرَ: قد اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ مِن أصحابِ مالكٍ على لَفْظَةِ [(وَليقْطَعْهُما) أنَّها مِن لَفْظِ الحديثِ، وأمَّا جَعفر بن برقانَ؛ فَوَهِمَ فيه في موضعين]؛ الأوَّل: جَعْلُهُ هذا مِن قَولِ نافِعٍ: إنَّهُ قالَ فيهِ: «مَنْ لَمْ يَجِدْ إزارًا؛ فليلبس سراويلَ»، وليسَ هذا حديثَ ابنِ عُمَرَ، والثاني: جَعَلُهُ هذا موقوفًا، وقد روى أحْمَد ابن حَنْبَل حديثَ ابنِ عُمَرَ مَرفوعًا، وفيه ذكرُ القَطْعِ، وقال: ليس نَجِدُ أحدًا رَفَعَهُ غيرَ زُهيرٍ، قال: وكانَ زُهَيرٌ مِن معادِنِ الصِّدْقِ، ذَكَرَهُ عنه الْمَيْمونِيُّ.
الخامس: في قولِهِ في هذا الحديث: (وَلَا السَّرَاوِيلَ) أَطْلَقَ المنعَ فيه، وجاءَ في حديثِ ابن عَبَّاس إباحَةُ لُبْسِ السراويلِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الإزارَ بقولِهِ: «مَنْ لَمْ يجدِ إزارًا؛ فليلبس السراويلَ»، فأخَذَ به الشَّافِعِيُّ والجمهورُ؛ منهم: عطاءٌ والثَّوْريُّ وأحمدُ وإِسْحاقُ وداودُ، ومنعه أبو حنيفَةَ ومالكٌ، فالشَّافعيُّ أخَذَ بظاهرِ الحديثِ، وأبو حنيفَةَ ☺ يقولُ: إنَّ هذا الحديثَ ليس بِحُجَّةٍ علينا، ولا نحن نخالفه، ولا تركنا العملَ بِهِ، فنحن أيضًا نقولُ بهِ، ونُجَوِّزُ لُبْسَ السراويل للضرورة؛ كما جوَّزتم أنتم، ولكنَّا نُقَيِّدُ الجوازَ بالكَفَّارَةِ، فإذا لبسَ؛ وَجَبَ عليه الكفَّارَةُ؛ لأنَّهُ ليْسَ في الحديثِ ما يدلُّ على نَفي وجوبِ الكفَّارَةِ، غايةُ ما في الباب الذي يدلُّ عليه الحديث: جوازُ لُبْسِ الخفَّين عندَ عدمِ النَّعلين، وجوازُ لُبسِ السراويل عندَ عَدَمِ الإزارِ، ثُمَّ أوجبنا عليه الكفَّارَةَ؛ لدلائلَ أُخْرى دلَّتْ عليهِ، وقال أبو عُمَر في «التمهيد»: وأجمعوا على أنَّ الْمُحْرِمَ إذا وَجَدَ إزارًا؛ لَمْ يَجُزْ له لُبْسُ السراويل، واختلفوا فيه: إذا لَمْ يَجِدْ إزارًا؛ هل يلبَسُ السراويلَ؟ وإن لَبِسَهما على ذلك؛ هل عليِه فِديَةٌ أم لا؟ فكانَ مالكٌ وأبو حنيفَةَ يريانِ / على مَن لَبِسَ السراويلَ وهو مُحرِمٌ الفِديَةَ، وسواء عند مالك وَجَدَ الإزارَ أو لَمْ يَجِد، وفي «البدائِعِ»: الْمُحْرِمُ إذا لَمْ يَجدِ الإزارَ، وأَمْكَنَهُ فَتقُ السراويلِ والتَّستُّر به؛ فَتَقَهُ، فإنْ لَبِسَهُ ولَمْ يَفتقْهُ؛ فعلَيْهِ دَمٌ في قولِ أصحابِنا، وقال الشَّافِعيُّ: يَلْبَسُهُ، ولا شيءَ عليهِ، وإنْ لَمْ يَجد رداءً ولهُ قَميصٌ؛ فلا بأسَ أنْ يَشقَّ قَميصَهُ، ويرتدي بهِ؛ لأنَّهُ لَمَّا شَقَّهُ؛ صارَ بمنزلَةِ الرِّداءِ، وكذا إذا لَمْ يَجد إزارًا؛ فلا بأسَ أنْ يَفتق سراويلَهُ _خلافَ موضع التِّكَّة_ ويأتزِر به؛ لأنَّهُ إذا فتقَهُ؛ صارَ بمنزلَةِ الإزارِ.