الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس

          ░3▒ (بابُ اسْتِعَانَةِ الْمُكَاتَبِ) من إضافةِ المصدر إلى فاعله، كسؤاله؛ أي: بابُ جوازِ استعانتِهِ بغيرِه ليسَاعدَه بشيءٍ من مالِ الكتابةِ، لإقرارِهِ عليه السَّلامُ بَريرةَ على سُؤالها عائشةَ، وإقرارِ عائشةَ على ما فعلَتْ من الإعانَةِ، بل الإعانةُ مُطْلوبةٌ مرغَّبٌ فيها، لآيةِ المكاتَبةِ، وللخَبرِ الصَّحيحِ كما في ((التحفة)): ((مَن أعانَ مُكاتَباً في زمنِ كتابتِهِ في فكِّ رقَبتِه أظلَّه اللهُ في ظلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه)).
          (وَسُؤَالِهِ) أي: المكاتَبِ (النَّاسَ) من عطف التفسير على ما يشيرُ إليه كلامُ العَينيِّ، وقال في ((الفتح)): هو من عطفِ الخاصِّ على العامِّ؛ لأنَّ الاستعانةَ تقعُ بالسؤالِ وبغيرِه، انتهى.
          واعترضَه العَينيُّ، فقال: كأنَّه ما التفَتَ إلى سينِ الاستفعالِ، فإنَّها للطَّلبِ، والطَّلبُ لا يكونُ إلَّا من غيرِهِ، انتهى.
          وردَّه في ((الانتقاض)) فقال: هذا الحصْرُ مردودٌ، فتدبَّرْ. وأقولُ: لو جعَلَ السِّينَ للتأكيدِ لَكانا متَغايرَينِ، وعليه فالإضافةُ للمفعول.