الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب صلاة الخوف رجالًا وركبانًا

          ░2▒ (بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ رِجَالاً وَرُكْبَاناً) أي: عند الاختلاط وشدَّة الخوف، قيل: مقصودهُ بهذا: أن الصَّلاة لا تسقط عند العجز عن النُّزول عن الدَّابَّة، ولا تؤخَّر عن وقتها، بل تُصلَّى فرادى، وجماعة بإيماءٍ أو غيره على أيِّ وجهٍ أمكن.
          وقوله: (رَاجِلٌ: قَائِمٌ) تفسيرٌ لرجالاً في التَّرجمة؛ يعني: أنَّ رجالاً جمع راجلٍ، لا جمع رجل، والمرادُ به هنا: القائم، ويطلقُ على الماشِي أيضاً كما في قوله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالاً} [الحج:27] أي: مُشاةً.
          وفي ((تفسير الطبري)) بسندٍ صحيحٍ عن مجاهدٍ في قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} [البقرة:239] أي: إذا وقع الخوف فليصلِّ الرَّجل على كلِّ جهةٍ، قائماً أو راكباً. وسقط: <راجل قائم> لأبي ذرٍّ.
          وقال العينيُّ: قال عياض في ((الإكمال)): لا يجوز ترك استقبال القبلة فيها عن أبي حنيفة، وهذا غير صحيحٍ، ولا يجوز بجماعةٍ عند أبي حنيفة وأبي يوسف وابن أبي ليلى، وعن محمَّدٍ: يجوزُ، وبه قال الشَّافعيُّ، وإذا لم / يقدروا على الصَّلاة على ما وصفنا أخَّروها، ولا يصلون صلاةً غير مشروعةٍ، وعن مجاهد وطاوس والحسن وقتادة والضَّحَّاك: يصلُّون ركعةً واحدةً بالإيماء.
          وعن الضَّحَّاك: إن لم يقدروا يكبِّرون تكبيرتين حيث كانت وجوههم، وقال إسحاق: إن لم يقدروا على الرَّكعة فسجدةٌ واحدةٌ، وإلَّا فتكبيرةٌ واحدةٌ، انتهى.