إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اللهم بارك لهما

          5470- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“ بالإفراد (مَطَرُ بْنُ الفَضْلِ) المروزيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ)‼ من الزِّيادة، السُّلميُّ الواسطيُّ، أحدُ الأعلام قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ) أخي محمَّد بن سيرين (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: كَانَ ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ) زيد بن سهلٍ، زوج أمِّ أنس(1) (يَشْتَكِي) أي: مريض(2)، وكان اسمه: عميرًا صاحب النُّغير (فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ) لحاجتهِ (فَقُبِضَ الصَّبِيُّ) بضم القاف، أي: توفِّي (فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ، قَالَ) لأمِّه: (مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ) أمُّ الصَّبيِّ: (هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ) أفعل تفضيل من السُّكون، قصدت به سكون الموت، وظنَّ أبو طلحة أنَّها تريد سكون العافية (فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا(3)) أي: جامعها (فَلَمَّا فَرَغَ) من ذلك (قَالَتْ) له: (وَارِ الصَّبِيَّ) أمرٌ من المواراة، أي: ادفنْه، ولأَبَوَي ذرٍّ والوقتِ والأَصيليِّ وابنِ عساكرَ: ”واروا الصَّبي“ بصيغة الجمع (فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللهِ صلعم فَأَخْبَرَهُ) بما كان من خبرهِ مع(4) زوجته (فَقَالَ) ╕ له: (أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟) بسكون العين، استفهامٌ محذوفُ الأداةِ، وهو من قولهم: أعرسَ الرَّجل إذا دخلَ بامرأتهِ، والمراد هنا: الوطء / فسمَّاه إعراسًا لأنَّه من توابعِ الإعراس.
          وقال في «المصابيح»: في بعض النُّسخ: ”فأخبره فقال: أعرسْتُم اللَّيلة“ يعني: أنَّ أبا طلحةَ أخبرَهُ النَّبيُّ صلعم بخبره، فيكون أعرسْتُم خبرًا لا استفهامًا. قال: وفي بعضها سقوط: ”فأخبره“ فحملَه بعضُ الشَّارحين على أنَّه استفهامٌ محذوفُ الأداةِ. وفي رواية الأَصيليِّ: ”أَعَرَّسْتُم“ بفتح العين وتشديد الراء.
          قال في «المطالع» _كـ «المشارق» و«النهاية»_: وهو غلطٌ إنَّما ذلك في النُّزول. لكن قال ابنُ التَّيميِّ في «كتاب التَّحرير في شرح مسلم»: إنَّها لغةٌ يقال: أَعْرَسَ الرَّجل(5) وعَرَّسَ، والأفصحُ أعرس.
          (قَالَ) أبو طلحة ☺ : (نَعَمْ) أعرسنا اللَّيلة يا رسول الله (قَالَ) صلعم : (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا) في ليلتهما (فَوَلَدَتْ غُلَامًا) قال أنسٌ: (قَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: احْفَظْهُ) وللكُشميهنيِّ: ”احفظيه“. قال الحافظُ أبو الفضل ابن حجرٍ: والأُولى أَولى (حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صلعم ، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صلعم ، وَأَرْسَلَتْ) أمُّ سليم (مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ) بفتح الميم (فَأَخَذَهُ) أي: الصَّبيَّ (النَّبِيُّ صلعم فَقَالَ: أَمَعَهُ شَيْءٌ؟) بهمزة الاستفهام (قَالُوا: نَعَمْ، تَمَرَاتٌ) بفتح الميم أيضًا (فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلعم فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا فِي فِي الصَّبِيِّ) أي: فمه (وَحَنَّكَهُ بِهِ(6)، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ).
          وهذا الحديثُ أخرجهُ مسلمٌ في «الاستئذان».
          وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“(7) بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى) قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ) محمَّد (عَنِ ابْنِ عَوْنٍ) عبد الله (عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَسَاقَ الحَدِيثَ)‼ الَّذي رواهُ ابن المثنَّى الآتي _إن شاء الله تعالى بعون الله وقوَّته_ في «باب الخميصة السَّوداء» من «كتاب اللِّباس» [خ¦5824] بلفظ: إنَّ أمَّ سليم قالت لي: يا أنسُ هذا الغلامُ فلا يصيبنَّ شيئًا حتَّى تغدوَ به إلى رسولِ الله صلعم يحنِّكه، فغدوتُ به فإذا هو في حائطٍ وعليه خميصةٌ حُرَيْثِيَّة، وهو يَسِمُ الظَّهْرَ الَّذي قدم عليه في الفتحِ.
          وسياق المؤلِّف له هنا يُوهم أنَّ المرادَ الحديثُ الأوَّل وليس كذلك لأنَّ لفظهما مختلفٌ، كما ترى فهما حديثان عند ابنِ عون: أحدُهما عنده: عن أنس بنِ سيرين، وهو المذكور هنا، والثَّاني عنده: عن محمَّد بنِ سيرين عن أنسٍ، وسقط لابنِ عساكرَ قوله: «حَدَّثنا محمَّد بن المثنى...» إلى آخره.


[1] في (د): «أبي أنس».
[2] في (د): «مرض».
[3] في (ص): «أصابها».
[4] في (م) و(د): «من».
[5] «الرجل»: ليست في (د).
[6] في (م) و(د): «بها».
[7] «حدثني»: زيادة من (م).