التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: لله مئة اسم غير واحد

          قوله: (بَابُ لِلهِ مِئَةُ اسْمٍ غَيْرَ وَاحِدٍ)، وكذا في الحديث: (لِلهِ ╡ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا؛ مِئَةٌ إِلَّا وَاحِدًا): اعلم أنَّ العلماء اتَّفقوا على أنَّ هذا الحديثَ ليس فيه حصرٌ لأسمائه تعالى، فليس معناه: أنَّه ليس له أسماءٌ غيرُ هذه التسعةِ والتسعين، وإنَّما مقصود الحديث: أنَّ هذه التسعةَ والتسعين مَن أحصاها؛ دخل الجنَّة، فالمراد: الإخبار عن دخول الجنَّة بإحصائها، لا الإخبارُ بحصر الأسماء، ولهذا جاء في الحديث الآخَرِ: «أسألك بكلِّ اسمٍ سمَّيتَ به نَفسَك، أو استأثرتَ به في عِلم الغيب عندَك»، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الحافظ أبا بكر ابنَ العربيِّ ذكر عن بعضهم أنَّه قال: (لله تعالى ألفُ اسمٍ)، قال ابن العربيِّ: (وهذا قليلٌ فيها، والله أعلم)، قال: (وللنَّبيِّ صلعم ألفُ اسمٍ)، وأمَّا تعيين هذه الأسماء _يعني: التي لله_؛ فقد جاء في «جامع أبي عيسى» _مُحَمَّد بن عيسى بن سَورة_ و«ابنِ ماجه» و«الحاكمِ» تعيينُها، وفي بعضها اختلافٌ، وقيل: إنَّها مختفية التعيين؛ كالاسم الأعظم، وليلةِ القدر، ونظائرِهما، وقال شيخُنا عن المهلَّب: (ذهب قومٌ إلى أنَّ ظاهر هذا الحديثِ يقتضي أن لا اسمَ لله غير ما ذُكِر)، ثُمَّ قال بعد ذلك: (ذهب ابن حزم ومَن وافقه إلى القول الأوَّل؛ لأنَّه لا تجوز الزيادة عليها، قال _يعني ابن حزم_: والأحاديث في إحصائها مضطربةٌ، لا يصحُّ منها شيءٌ ألبتَّةَ _قال شيخُنا: قلتُ: فصحَّح بعضَها ابنُ خزيمة والحاكمُ_ قال: وإنَّما تُؤخَذ من نصِّ القرآن، وممَّا صحَّ عن رسول الله صلعم، قال: وقد بلغ إحصاؤها إلى ما نذكره، فذكر أربعةً وثمانين اسمًا)، انتهى.