التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب الصلاة على النبي

          قوله: (بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلعم): اعلم أنَّ الصلاة على النَّبيِّ صلعم؛ هل هي واجبةٌ كُلَّما ذُكِر، أو لا تجب في العمر إلَّا مرَّة، أو تجب في التشهُّد الأخير؟ أقوالٌ، وقال شيخنا في «شرح المنهاج» في الفقه: أحدها: يجبُ في حقِّ كلِّ مَن أسلم لله تعالى خاصَّةً، وثانيها: لا تجب بعد الإسلام / إلَّا مرَّة، وثالثها: أنَّها واجبةٌ بكلِّ حال مهما ذُكِر، ورابعها: إن كانت في الصلاة؛ وجبت في التشهُّد الأخير، وإن كانت في غيرها؛ كانت مستحبَّةً، وقيل: هي فرضٌ على الكفاية إذا ذُكِرَ، ذَكَرَ هذه الأقوالَ برهانُ الدين ابن الفِركاح في «تعليقه على التنبيه»، وفي «الزمخشريِّ» منها الثاني والثالث، وحكى قولًا: أنَّها تجب في كلِّ مجلسٍ مرَّةً وإن تكرَّر ذِكرُه صلعم.
          تنبيهٌ: نسب القاضي عياض في «الشفا» الشَّافِعيَّ إلى الشذوذ في إيجابه إيَّاها في التشهُّد الأخير، وفي كلامه نظرٌ، فإنَّه لم يشذَّ، وله سَلَفٌ، ونقل شيخُنا أنَّه روايةٌ عن أحمدَ أيضًا، وحكاه الرُّويانيُّ عن عمر، وابنه عبد الله، وابن مسعود، وأبي مسعود البدريِّ، ونقله الماورديُّ عن مُحَمَّد بن كعب القرظيِّ التابعيِّ، ورواه البيهقيُّ عن الشَّعْبيِّ، و[عن] غيره عن عليِّ بن الحسين، وبه قال ابن الموَّاز من المالكيَّة، فيما حكاه ابن القصَّار، انتهى.
          تنبيهٌ ثانٍ: تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) [خ¦4796] أنَّ أبا ذرٍّ الحافظَ قال: ابتداءُ الصلاة على النَّبيِّ صلعم في السنة الخامسة من الهجرة، وأنَّ اليونينيَّ قال: وفيه نظرٌ؛ لأنَّه قد ورد في حديث الإسراء ذِكْرُ الصلاة عليه، وكان الإسراءُ بمكَّة شرَّفها الله تعالى، انتهى، وقد ألَّفَ الحافظُ شمس الدين ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة في الصلاة على النَّبيِّ صلعم تأليفًا حسنًا، وذكر أنَّ في الصلاة عليه فوائدَ، ذكرها وعدَّدها؛ فانظره، فإنَّه تأليفٌ حسنٌ، منها: أنَّها تُفَرِّج الهمَّ، والله أعلم، صلعم.