التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب رفع الأيدي في الدعاء

          قوله: (بَابُ رَفْعِ الأَيْدِي فِي الدُّعَاءِ): اعلم أنَّ النَّوَويَّ ذكر في «شرح المهذَّب» نحوَ ثلاثين حديثًا في «الصحيحين»، أو في أحدهما، فيها كلِّها رفعُ الأيدي في الدعاء، وأمَّا مسح الوجه بعد الدعاء؛ فقال العلَّامة عزُّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ: (ولا يمسح بهما وجهه، ولا يفعله إلَّا جاهلٌ)، انتهى، وفي مسح الوجه باليدين بعد الدعاء حديثٌ في «أبي داود»، وحديثٌ في «التِّرمِذيِّ» وقال: إنَّه غريبٌ، وأمَّا عبدُ الحقِّ؛ فإنَّه نقل عنه أنَّه صحَّحه، وغَلِطَ في ذلك، وقد ترجم عليه النَّوَويُّ في «الأذكار» في (باب رفع اليدين ومسح الوجه بهما)، انتهى.
          وهل يرفعُهما إذا كانت يدُه نجسةً؟ قال الرُّويانيُّ: (يحتمل أن يُقال: يُكرَه من غير حائلٍ، ولا يُكرَه [في الحائل]).
          وقد ذكر الحاكم في «المستدرك» في (كتاب الذِّكْر والدعاء) حديثًا عن حَمَّاد بن عيسى: حدَّثنا حنظلةُ عن سالمٍ، عن أبيه، عن عمرَ ☺: أنَّ رسول الله صلعم كان إذا مدَّ يديهِ في الدُّعاء؛ لم يردَُّهما حتَّى يمسحَ بهما وجهَه)، سكت عليه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، وذكر بعدَه حديثًا آخَرَ عن ابن عَبَّاس مرفوعًا: «إذا سألتُمُ اللهَ؛ فاسألوه ببُطونِ أَكُفِّكُم، ولا تسألوه بظُهورِهما، وامسحوهما بوجوهِكُم»، سكت أيضًا عليه الذَّهَبيُّ، أمَّا الأوَّل؛ فمُتَعقَّبٌ، كيف وفيه حَمَّاد بن عيسى الجُهنيُّ؟! وقد ضعَّفه غير واحد، وقد قال فيه الحاكم: (دجَّال)، فكيف يُخَرِّج حديثَه ويسكتُ عليه الذَّهَبيُّ؟!، وأمَّا الثاني؛ فإنَّ فيه سعيدَ بن هُبيرة، وقد قال فيه ابن حِبَّانَ: (يروي الموضوعاتِ عن الثقات؛ كأنَّه كان يضعُها، أو تُوضَع له فيجيب فيها)، وأخرج حديثَ ابنِ عَبَّاس أبو داود، وقال: (رُوِيَ هذا الحديثُ من غير وجهٍ عن مُحَمَّد بن كعب كلُّها واهيةٌ، وهذا الطريقُ أمثلُها، وهو ضعيفٌ أيضًا)، فإذن الحديثان ضعيفان، والله أعلم، ولأجل ذلك لم يُترجِمِ البُخاريُّ على مسح الوجهِ، والله أعلم.
          قوله: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا، عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرُ ☺. /