التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث أنس: الطاعون شهادة لكل مسلم

          5732- قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا [خ¦63]، و(عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وأنَّ صاحبَي «الصَّحيحين» تجنَّبا ما يُنكَر مِن حديثه، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا [خ¦36]، و(عَاصِمٌ): هو ابن سليمان الأحول، و(حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّ أفضل نساء التابعين ثلاث؛ حفصة، وعَمرة، وأمُّ الدرداء الصُّغرى [خ¦313].
          قوله: (قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: يَحْيَى بِمَا مَاتَ؟): (يحيى) هذا: هو أخو حفصة يحيى بن سيرين، وأولاد سيرين تسعة؛ كلُّهم تابعيُّون؛ وهم: مُحَمَّد، وأنس، ويحيى، ومعبد، وحفصة، وكريمة، كذا سمَّاهم ابن معين والنَّسَائيُّ في «الكنى»، والحاكم في «علومه»، ولكنَّه نقل في «التاريخ» عن أبي عليٍّ الحافظ تسميتَهم، فزاد فيهم: (خالد بن سيرين) مكان: (كريمة)، وذكر ابن سعد في «طبقاته»: عَمرة بنت سيرين وسودة بنت سيرين؛ أمُّهما أمُّ ولد كانت لأنس بن مالك، قال شيخنا الحافظ العراقيُّ فيما قرأته عليه وسمعته أيضًا عليه ما لفظه: (ولكن لم أر مَن ذكَرَ لهاتين روايةً، ولا أعلم تاريخ وفاة يحيى بن سيرين، وقد روى عن مولاه أنس وغيرِه، وعنه: أخوه مُحَمَّد وغيرُه، قال ابن حِبَّان في «الثِّقات»: (قيل: إنَّه كان يفضَّل على أخيه مُحَمَّد بن سيرين)، انتهى، وقد خرَّج له النَّسَائيُّ في «مسند عليٍّ»، وقد صرَّح مسلم بيحيى هذا، فقال: يحيى بن أبي عَمْرة، وكذا هو في «ثقات ابن حِبَّان» في ترجمة حفصة هذه، وهو أخوها يحيى بن سيرين، ورأيت في حاشية على «صحيح مسلم» أنَّ يحيى هذا يكنى أبا عَمْرة، وعزا ذلك للبخاريِّ، وأمَّا والده؛ فكنيته أبو عَمْرة، كذا في «ثقات ابن حِبَّان»، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم.
          تنبيهٌ: قال شيخنا الشارح: (قال البُخاريُّ في «تاريخه الأوسط»: حدَّثنا عليُّ بن نصر: حدَّثنا سليمان بن حرب: حدَّثنا حمَّادٌ عن يحيى بن عتيق قال: سمعت يحيى بن سيرين ومُحَمَّد بن سيرين يتذاكران السَّاعة التي في الجمعة لعلَّه بعد موت أنس بن مالك، قال البُخاريُّ: أراد: أنَّ يحيى مات بعد أنس، وأنَّ حديث حفصة خطأ)، قال شيخنا المشار إليه: (فهذه علَّة في إيراده، فلعلَّه اطَّلع على هذا بعد أن أخرجه، ولم يعتمدْ على قولٍ(1)، على أنَّ جماعة ذكروا وفاة يحيى قبل أخيه مُحَمَّد المُتوفَّى سنة عشر ومئة)، انتهى، وهذا مكان حسن، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ العصريِّين ما لفظه: (لا يلزم مِن هذا أن يكون حديث حفصة خطأً؛ لاحتمال أن يكون الخطأ في تفسير يحيى أنَّه ابن سيرين، فيحتمل أن يكون غير ابن سيرين)، انتهى، في «صحيح مسلم» ما يَردُّ على هذا الحافظ عن حفصة بنت سيرين قالت: (قال لي أنس بن مالك، ثمَّ يحيى بن أبي عمرة...) الحديث، وقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ سيرين كنيته أبو عَمْرة، وهذا الحديث في «البُخاريِّ» و«مسلم»، وليس في بقيَّة السِّتَّة، ثُمَّ كتب هذا الحافظ إلى أبي ذرٍّ حين ذكر له ما في «صحيح مسلم»، فكتب إليه: أنِّي قد رجعت عنها _يعني: الحاشية_؛ فليُضرَبْ عليها، انتهى، وقوله: (بِمَا مَاتَ): كذا في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، وهي لغة، والأكثر حذف الألف، ويقال: (بمَ مات)؛ لأنَّها استفهاميَّة، والله أعلم.


[1] زيد في (أ): (على)، ولعلَّه تكرار.