التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: من البيان سحرًا

          قوله في الترجمة: (مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا): كذا في أصلنا على الحكاية للحديث الآتي، وفي نسخة في هامش أصلنا (سحرٌ)؛ بالرفع، وهذه ظاهرة، وقوله في التبويب وفي الحديث: (إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا): اعلم أنَّه لمَّا فرغ مِن السِّحر المُحرَّم؛ شرع بذكر السِّحر الجائز، وفي قوله: (إِنَّ مِنَ البَيَانِ لسِحْرًا): وجهان؛ قيل: مقصده الذَّمُّ؛ لأنَّه يصرف الحقَّ إلى صورة الباطل، والباطلَ إلى صورة الحقِّ؛ كالسِّحر الذي يقلب الأعيان، وسياق الحديث وسببه يشهدُ لهذا، وقيل: هو مدح وثناء عليه، وشبَّهه بالسِّحر؛ لصرف القلوب به، ومنه قالوا: السحر الحلال، والبيان: الفهم وذكاء القلب مع اللَّسن، و(البيان) أيضًا: الظُّهور، ومنه: بان لي كذا _أي: ظهر وتبيَّن_ بَيْنًا وبيانًا، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ [خ¦5146]، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ بعد أن ذكر القولين في «شرح مسلم» عن القاضي عياض ما لفظه: (وهذا التَّأويل الثاني هو الصَّحيح المختار) انتهى.