التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: هل يستخرج السحر؟

          قوله: (هَلْ يُسْتَخْرَجُ السِّحْرُ(1)): (يُستخرَجُ): مَبْنيٌّ للمفعول، فـ(السِّحرُ): مَرْفوعٌ، ويجوز بناء (يستخرج) للفاعل، فـ(السحر) مَنْصوبٌ عليه، وهذا ظاهِرٌ، وسأذكر هل أُخرِج أم دُفِنت البئرُ قريبًا.
          قوله: (لِسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّـَب): تَقَدَّمَ أنَّ ياءَه مفتوحة ومكسورة، بخلاف غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب)، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح [خ¦226].
          قوله: (رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ): قال ابن قُرقُول: («الطِّبُّ»: السِّحر، والطِّبُّ أيضًا: علاج الدَّاء، وهو مِن الأضداد، وقيل: كنَى بالطِّبِّ عن السِّحرِ تفاؤلًا، كما سمَّوا اللَّديغ سليمًا، و«الطَّبُّ»؛ بفتح الطاء: الرَّجل الحاذق)، انتهى، وكذا قال ابن الأثير: (كنَوا بالطِّبِّ عن السِّحر تفاؤلًا بالبُرءِ، كما كنَوا بالسَّليم عن اللَّديغ)، انتهى، وفي «الصِّحاح» و«القاموس»، واللَّفظ لـ«القاموس»: (الطَّـُـِب: مُثلَّث الطاء، علاج الجسم والنَّفس، يطُبُّ ويطِبُّ، والرِّفق والسِّحر)، فعلى ما قالاه في «الصِّحاح» و«القاموس» يجوز أنَّ يُقرَأ ما في «الصَّحيح» مُثلَّث الطَّاء، وفي نسخة بـ«الصِّحاح» صحيحةٍ قال: (و«الطِّب»: السَّحر، هي بكسر الطَّاء بالقلم)، والله أعلم. /
          قوله: (أَوْ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِه): (يُؤَخَّذ)؛ بِضَمِّ أوَّله، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ همزة مفتوحة بعد الواو، ثُمَّ خاء معجمة مشدَّدة، ثُمَّ ذال معجمة، كذا في أصلنا القاهريِّ، وضبطه شيخنا بتشديد الخاء، كما ذكرت، ولم يتعرَّض لضبط غيرها، قال ابن قُرقُول: («يُؤخَّذ عن امرأته»؛ أي: يُحبَس عنها، فلا يقدر على جماعها، و«الأُخذة»: رقية الساحر، وأصله من الرَّبط، ومنه سُمِّي الأسير أخيذًا)، انتهى، وقال الجوهريُّ: (و«الأُخذة»؛ بالضمِّ: رقية؛ كالسحر، أو خرزة تُؤَخِّذ النِّساءُ بها الرِّجالَ مِن التَّأخيذ)، انتهى، وهذا يوضِّح الضبط الذي ضبطتُ به (يُؤخَّذ)، وكذا قال ابن الأثير: («عن عائشة: أنَّ امرأة قالت لها: أُؤَخِّذ جملي؟ قالت: نعم»، التَّأخيذ: حبس السَّواحر أزواجهنَّ عن غيرهنَّ مِن النساء، وكنَت بالجمل عن زوجها، ولم تعلم عائشة، فلذلك أذنت لها فيه)، انتهى.
          قوله: (أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشَّرُ؟): (يُحلُّ) و(يُنشَّر): مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما، و(يُنشَّر): مُشدَّد الشِّين المُعْجَمة، وهو من النُّشرة؛ وهي نوع من التَّطبُّب بالاغتسال على هيئاتٍ مخصوصة بالتَّجربة لا تُدرك بقياس ظنِّيٍّ، ومِن العلماء مَن أجازها، ومنهم مَن كرهها)، انتهى لفظ ابن قُرقُول، وقد قال الدِّمْيَاطيُّ فيه شيئًا في (باب قول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}[النحل:90])، سأذكره هناك حيث ذكره [خ¦6063].
          تنبيهٌ: سُئِل النَّبيُّ صلعم عن النُّشرة، فقال: «هي مِن عمل الشَّيطان»، ذكره أحمد وأبو داود، والنُّشرة: حلُّ السِّحر عن المسحور، وهي نوعان: حلُّها بسحر مثلها، وهذا من عمل الشيطان، والثانية: النُّشرة بالرُّقية، والتَّعويذات، والدَّعوات، والأدوية المباحة، فهذا جائز، بل مُستحبٌّ، وعلى النَّوع المذموم يُحمَل قولُ الحسن: (لا يُحِلُّ السِّحرَ إلَّا ساحرٌ)، والله أعلم.
          فائدةٌ: قال شيخنا: (في كتب وهب بن مُنبِّه: أن يأخذ سبع ورقات مِن سدرٍ أخضرَ، فيدقُّه بين حجرين، ثُمَّ يضربه بالماء، ويقرأ فيه آية الكرسيِّ، وذوات {قُلْ}، ثُمَّ يحسو منه ثلاث حسوات، ويغتسل به، فإنَّه يذهب عنه كلُّ عاهةٍ إن شاء الله، وهو جيِّد؛ لأجل حبس الرَّجل عن أهله)، انتهى.
          قوله: (فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ): (يُنْهَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.


[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يَستخرِج السِّحرَ)، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.