التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب الرقى بالقرآن والمعوذات

          قوله: (بَابُ الرُّقَى بِالْقُرْآنِ): اعلم أنَّ الرُّقى بآيات القرآن والأذكار المعروفة لا نهيَ فيه بل هو سُنَّة، ومنهم مَن قال في الجمع بين حديث: (أنَّه صلعم نهى عن الرُّقى) وغيره، وكذا حديث: «لا يسترقون»: أنَّ المدح في ترك الرُّقى؛ للأفضليَّة وبيان التوكُّل، والذي فعل الرُّقى أو أذن فيها؛ لبيان الجواز مع أنَّ تركها أفضل، وبهذا قال ابن عَبْدِ البَرِّ، وحكاه عمَّن حكاه، والمختار الأوَّل، وقد نقلوا الإجماع على جواز الرُّقى بالآيات والأذكار، قال المازريُّ: (جميعُ الرُّقى جائزة إذا كانت بكتاب الله تعالى وبذكره، ومنهيٌّ عنها إذا كانت باللُّغة العجميَّة، أو بما لا يُدرَى ما معناه؛ لجواز أن يكون فيه كفر، قال: واختلفوا في رقية أهل الكتاب؛ فجوَّزها أبو بكر الصِّدِّيق ☺ [خ¦5705]، وكرهها مالك؛ خوفًا أن يكون ممَّا بدَّلوه، ومَن جوَّزها قال: الظَّاهر أنَّهم لم يبدِّلوا الرُّقى، فإنَّهم لا غرضَ لهم في ذلك بخلاف غيرها، وقد قال صلعم: «اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شرك»، رواه مسلم)، قال القاضي عياض: (اختُلِف في رقية اليهوديِّ والنَّصرانيِّ؛ فجوَّزه الشَّافِعيُّ)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ كلام المازَريِّ، وهو مُتبَاين.
          تنبيهٌ: سُئِل الإمام العلَّامة عزُّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ عمَّن يكتب حروفًا مجهولة المعنى للأمراض ويسقيها المرضى؛ فينجح، فقال: (الظَّاهر أنَّه لا يجوز؛ لأنَّه ◙ لمَّا سُئِل عن الرُّقى؛ فقال: «اعرضوا عليَّ رقاكم»، فعرضوها، فقال: «ما أرى بأسًا»، وإنَّما أمر بذلك؛ لأنَّ منها ما يكون كفرًا)، انتهى، وقد قدَّمته أيضًا [خ¦5678]؛ فاعلمْه.
          قوله: (وَالْمُعَوِّذَاتِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الواو، وكذا قوله في الحديث الآتي: (بالمعوِّذات) [خ¦4439].