الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

سورة {عبس}

          ░░░80▒▒▒ (سُورَةُ عَبَسَ)
          قال تعالى: {عَبَسَ} [عبس:1] أي (كَلَحَ)، {وَتَوَلَّى} [عبس:1] أي (أَعْرَضَ)، وقال: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} [عبس:13-14] قال البُخاريُّ: (لِأَنَّ الصُّحُفَ يَقَعُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ) يعني لمَّا كانت الصُّحف تتَّصفُ بالتطهير وُصِفَ أيضًا حاملُها _أي الملائكةُ_ به فقيل: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:79] وهذا كما في: {فَالمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات:5]، فإنَّ التَّدبيرَ لمحمول خيولِ الغُزاة فوُصِفَ الحاملُ _يعني الخيولَ_ به فقيل: (وَالْمُدَبِّرَاتِ)، وفي بعضِها: <لَا يَقَعُ > بزيادة <لَا>، وفي توجيهِه تكلُّفٌ.
          وقال: {بِأَيْدِيْ سَفَرَةٍ} [عبس:15] أي مَلَائِكَةٍ، يُقالُ: (سَفَرْتُ) إذا (أَصْلَحْتُ بَيْنَهُم فَجُعِلَتِ المَلَائِكَةُ إِذَا نَزلَتْ بِوَحْيِ اللهِ وتَأْدِيَتِهِ) أي تبليغِه (كَالسَّفيْرِ) وفي بعضِها: <وَتَأْدِيْبِهِ> مِن الأَدَبِ لا مِن الأَداءِ، وقال ابنُ عبَّاسٍ: يعني (كَتَبَةً)، و{يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة:5] أي (كُتُبًا)، وقال تعالى: {فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} [عبس:6] أي تتصدَّى، فحذفَ إحدى التاءين، أي تتغافلُ عنه، وقال في «الكشَّاف»: أي تتعرَّضُ له بالإقبال عليه وهذا هو المناسب المشهور. وقال تعالى: {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} [عبس:10] أي تتشاغل عنه، وقال: {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} [عبس:23] أي (لَا يَقْضِي أَحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ) بعدُ مع تطاول الزمان، وقال : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ} [عبس:38] أي (مُشْرِقَةٌ) مُضيئةٌ، وقال: {تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} [عبس:41]، أي (تَغْشَاهَا شِدَّةٌ).