الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

سورة {والذاريات}

          ░░░51▒▒▒ قال: (سُورَةُ الذَّارِيَاتِ)
          و(قَالَ عَلِيٌّ) هو ابنُ أبي طالبٍ ☺ . (الذَّارِيَاتُ) هي (الرِّيَاحُ)، وقال تعالى : {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات:10] أي (لُعِنَ)، و{الَّذِيْنَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} [الذاريات:11] أي في ضلالةٍ يتمادونَ، ووقع في بعض النسخ: <غَمْرَتِهِم>، وهذه الكلمة ليست في هذه السُّورة، وقال: {وَفِيْ أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُوْنَ} [الذاريات:21]، و(مَوْضِعَيْنِ) أي القُبُل والدُّبُرُ، وقال: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ} [الذاريات:26] أي (فَرَجِعَ)، وقال: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} [الذاريات:29] أي (صَيْحَةٍ)، {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات:29] أي (جَمَعَتْ أَصَابِعَهَا فَضَرَبَتْ بِهِ جَبْهَتَهَا). وقال: {جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات:42]، أي نَبَاتُ الأَرْضِ إذا دِيْسَ مِنَ الدَّوْسِ بالمهملتين وهو الوَطءُ بالرِّجْلِ. وقال: {وَإِنَّا لَمُوْسِعُوْنَ} [الذاريات:47] (أَيْ لَذُوْ سِعَةٍ) أي طاقةٍ وقوَّةٍ، وقال: {فَفِرُّوا} أي (مِنَ اللهِ) {إِلَى اللهِ} [الذاريات:50] أي مِن معصيتِه إلى طاعتِه. وقال: {أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات:41] أي التي (لَا تُلْقِحُ)، وقال: {مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ} [الذاريات:34] أي (مُعَلَّمَةً مِنَ السِّيْمَاءِ). وقال: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا} [الذاريات:59] أي دَلْوًا وسَبِيلًا، وقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُوْنَ} [الذاريات:56] أي (مَا خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ) (إِلَّا لِيَوحِّدُوْنَ).
          فإن قُلتَ: لم خصَّصَهم بالسُّعداءِ منهم ولم فسَّر العبادةَ بالتَّوحيد؟ قُلتُ: لتظهرَ المُلازمة بين العلَّة والمَعلول.
          قولُه: (لأَهْلِ الْقَدَرِ) أي المُعتزلة، احتجُّوا بها على أنَّ إرادةَ الله تعالى لا تتعلَّق إلَّا بالخيرِ، والشرُّ ليس مرادًا له، فقال البخاريُّ: لا يلزمُ مِن كونِ الشَّيءِ مُعلَّلًا بشيءٍ أنْ يكونَ ذلك الشَّيء _أي العلَّةُ_ مُرادًا، وأنْ لا يكونَ غيرُه مرادًا. ويحتمل أنْ يُرادَ أنَّهم يحتجُّون به على أنَّ أفعالَ الله تعالى لا بدَّ وأنْ تكونَ معلَّلة فقال: لا يلزمُ مِن وقوع التَّعليل وجوبُه، ونحن نقول بجواز التَّعليل، أو على أنَّ أفعالَ العباد مخلوقةٌ لهم لإسناد العبادة إليهم، فقال: لا حجَّة لهم فيه لأنَّ الإسناد مِن جهة الكسب وكونِ العبد مَحلًّا لها.