الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

سورة الرحمن

          ░░░55▒▒▒ قال: (سُورَةُ الرَّحْمَنِ)
          وقال : {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن:5] أي (كَحُسْبَانِ الرَّحَى) يعني يَجريان على حسب الحركة الرَّحويَّة، وقال: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ} [الرحمن:9] أي (لِسَانَ المِيْزَانِ)، وقال: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} [الرحمن:12] قيل : (الْعَصْفُ بَقْلُ الزَّرْعِ) بالموحَّدة، و(يُدْرِكَ) أي يبلغَ إلى حدِّ الكمال، و(الرَّيْحَانُ وَرَقُهُ) بالواو، و(الْحَبُّ) هو (الَّذِيْ يُؤكَلُ مِنْهُ)، وقيل: (الرَّيْحَانُ الرِّزْقُ) بالراء والزاي، و(قَالَ أَبُو مَالِكٍ) لا يُعرفُ اسمُه، (تُسَمِّيْهِ) أي العصفَ (النَبَطُ) بفتح النون والموحَّدة وهم قومٌ ينزلونَ البَطائِح بين العِراقَين، أي أهلَ الزِّراعة (هَبُورًا) بفتح الهاء وضمِّ الموحَّدة وبالواو والراء.
          وقال تعالى: {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [الرحمن:14] أي (كَمَا يُصْنَعُ الفَخَّارُ) أي الطِّينُ المَطبوخ بالنَّار أي الخَزَفُ لا صانعُه، و(يُصْنَعُ) بلفظ المجهول. وقال: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن:15] وهو طرفُ النار المُختَلِطِ بالدُّخان، وقيل: هو (اللَّهَبُ الأَصْفَرُ وَالأَخْضَرُ الَّذِيْ يَعْلُو النَّارَ)، وقيل: الخَالِصُ مِنْهَا، و(مَرَجَ الأَمِيْرُ رَعِيَّتَهُ) بفتح الراء (إِذَا خَلَّاهُمْ) أي تركَهم يَظلِمُ بعضُهم بعضًا، وكذلك مَرَجَتِ الدَّابَّةُ _بالفتح_ إذا تركَها، وأمَّا (مَرِجَ أَمْرُ النَّاسِ) فهو بالكسر أي (اخْتَلَطَ).
          قوله : {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ} [الرحمن:17]، وقال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ} [المعارج:40]، وقال: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [المزمل:9]، فإنْ قُلت : فما وجهُ الجمع بينهما ؟ قُلتُ: المرادُ بالمَشرق الجنسُ، وبالمَشرقين مَشرقُ الشتاء ومشرقُ الصيف، وبالمَشارق مَشرقُ كلِّ يومٍ أو كلِّ فصلٍ أو كلِّ بُرجٍ أو كلِّ كوكبٍ.
          وقال تعالى: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ} [الرحمن:20] أي (لَا يَخْتَلِطَانِ)، وقال: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ} [الرحمن:24] أي (مَا رُفِعَ قِلْعُهُ) بكسر القاف وسكون اللام وبالمهملة الشِّراعُ، أي المرفوعات الشُّرُع، وقال: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ} [الرحمن:35] أي (لَهَبٌ مِنْ نَارٍ).
          قولُه: (بعضهم) قيل: أرادَ به أبا حنيفة ☺ إذ مذهبُه أنَّ مَن حلفَ أنْ لا يأكلَ فاكهةً فأكلَ رمَّانًا أو رُطَبًا لم يحنثْ.
          قولُه: (تَشْدِيْدًا لَهَا) أي تأكيدًا لها وتعظيمًا وتفضيلًا، و(قَدْ ذَكَرَهُمْ) أي (كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ) في ضمن {مَنْ فِي السَّمَواتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} [الحج:18]. أقولُ: للإمام أبي حنيفة أنْ يمنع المشابهةَ بين هذه الآية وتَيْنِك الآيتين لأنَّ (الصَّلَوَاتِ) و(مَنْ فِي الْأَرْضِ) لفظان عامَّان بخلافِ (فَاكِهَةٌ). وقال تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ} [الرحمن:36]، أي (نِعَمِه) وهو جمع الأُلَى وهو النِّعمة، وقال: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ} [الرحمن:31]، أي: (سَنُحَاسِبُكُم) أي الفراغُ مجازٌ عنِ الحساب، والغِرَّةُ بكسر المعجمة الغَفلةُ، والمراد التوفُّرُ في ذلك.