الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

الفرقان

          ░░░25▒▒▒ باب (سُوْرَةُ الفُرْقَانِ) إلى آخرها، قال: قوله تعالى : {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوْرًا} [الفرقان:23] أي (مَا تَسْفِي الرِّيحُ) مثل الذَّرِّ، وقال : {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} [الفرقان:45]، و(سَاكِنًا) أي (دَائِمًا) غيرَ زائلٍ، وقيل: لاصقًا بِأَصْلِ الجدار غيرَ مُنبسِطٍ، و(دَلِيْلًا) أي (طُلُوعُ الشَّمْسِ) دليلٌ على حصول الظِّلِّ، وقيل: الشَّمسُ دليلٌ للنَّاس على أحوال الظِّلِّ فيستعينُونَ به على حاجاتِهم. وقال تعالى: {وَأَصْحَابَ الرَّسِّ} [الفرقان:38] أي (المَعْدِنِ) وقيل: هو البئر، وقيل: قريةٌ باليَمامَةِ، وقيل: هو الأُخْدودُ. وقال: {مَا يَعْبَأُ بِكُمْ} [الفرقان:77] يُقال: هو شيءٌ لا يُعبَأُ به (لَا يُعْتَدُّ بِهِ) ولا اعتبارَ له. وقال: {عَتَوْ عُتُوًا كَبِيرًا} [الفرقان:21] أي (طَغَوا) وريحٌ عاتيةٌ أي طاغيةٌ على خُزَّانها خارجةٌ عن ضبطِهم. وقال: {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان:13] أي (وَيْلًا) ودعاؤه أن يُقال: واثُبُوراه، أي يُقال: يا ثُبُورٌ فهذا حِينُك وزمانُك، وقيل: الثُّبُور الهلاك. وقال: {وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا} [الفرقان:11] أي نارًا شديدةَ التَّوَقُّدِ.
          فإن قُلتَ: المشهورُ أنَّ السَّعيرَ مَّؤنَّثٌ، وقال تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان:12]. قُلتُ : يحتمل عَود الضَّمير إلى الزَّبانِيَة؛ ذكرَه صاحب «الكشَّاف» أو لعلَّ غرضه أنَّ لفظَه مُذكرٌ، ومعناه المُهَيِّجُ والمُلهِّبُ إمَّا فاعلًا وإما مفعولًا، وأمَّا تأنيثُه فباعتبار النَّار وأنَّ الفَعِيل يَصدُق عليه أنَّه مُذكَّرٌ وأنَّه مُؤنَّث.