الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

سورة المؤمن

          ░░░40▒▒▒ قال: (سُورَةُ الْمُؤْمِنِ)
          قولُه : (مَجَازُهَا) بالجيم والزَّاي طريقُها، أي حكمُها حكمُ سائرِ الحروف المقطَّعة التي في أوائل / السُّوَرِ في أنَّها للتَّنبيه على أنَّ القرآنَ مِن جنسِ هذه الحروف ولِقَرْعِ العَصا عليهم، وقيل: إنَّه اسمُ علمٍ للسُّورة، وقيل: للقرآن. و(شُرَيْحِ) مُصغَّر الشَّرْحِ بالمعجمة والرَّاء وبالمهملة (بنِ أَوْفَى) بفتح الهمزة والفاء وإسكان الواو بينهما وبالقَصْرِ (العَبْسِيِّ) بفتح المهملة الأولى وسكون الموحَّدة بينهما، وشَجَرَ الرُّمْحُ اختلفَ، وقصَّتُه أنَّ محمدَ بن طلحةَ بنِ عُبيد الله القُرشِيَّ السجَّادَ كان يومَ الجمل كلَّما حمل عليه رجل يقولُ: نَشَدْتُكَ بـ {حم} حتَّى شدَّ عليه شُرَيحٌ فقتلَه، وأنشدَ يقولُ:
يُذَكِّرُنِي حم... .... ... ... ... ... ... ...
          وقيل: المرادُ بقولِه: {حَم} قولُه تعالى : {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى:23]، وأمَّا وجهُ الاستدلال به فهو أنَّه أعربَه ولو لم يكن اسمًا بل كانَ حروفًا مُهَجَّاةً لَمَا دخلَ فيه الإعراب.
          قولُه: {شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} [غافر:3] أي (التَّفَضُّلُ)، وقال تعالى: {أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} [غافر:41] أي (الإِيْمَانُ)، وقال: {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ} [غافر:43] أي للوَثَنِ، وقال: {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60] أي (خَاضِعِيْنَ)، وقال: {بِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ} [غافر:75] أي: (تَبْطَرُونَ) بالموحَّدة والمهملة، و(العَلَاءُ بنُ زِيَادٍ) بكسر الزَّاي وخفَّة التحتانيَّة العَدَوِيُّ البَصْريُّ التَّابعيُّ، و(يَقُولُ) أي اللهُ تعالى: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّار} [غافر:43].
          فإن قُلتَ: هذا موجبٌ للقُنوطِ لا لعدمِه؟ قُلتُ: غرضُه: إِنِّي لا أقدرُ على التَّقْنِيطِ، وقد قال تعالى لأهل النَّار: {لَا تَقْنَطُوا} [الزمر:53].