الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

سورة الواقعة

          ░░░56▒▒▒ قال: (سُوْرَةُ الوَاقِعَةِ)
          قال تعالى: {خَافِضَةٌ} [الواقعة:3] أي (لِقَوْمٍ إِلَى النَّارِ)، و{رَافِعَةٌ} أي لقومٍ آخرين (إِلَى الْجَنَّةِ)، وقال: {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ} [الواقعة:4] أي (زُلْزِلَتْ)، {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ} [الواقعة:5] أي (فُتَّتْ) و(لُتَّتْ كَمَا يُلَتُّ السَّوِيْقُ)، وقال: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ} [الواقعة:13] أي (أُمَّةٌ)، وقال : {فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ} [الواقعة:28] أي (لَا شَوْكَ لَهُ)، وقال: {عُرُبًا} [الواقعة:37] بتثقيلِ الراء وضمِّها جمعُ العَرُوبِ، و(أَهْلُ مَكَّةَ) يسمُّونَها (الْعَرِبَةَ) بكسر الراء (وَأَهْلُ المَدِيْنَةِ الْغَنِجَةَ) بكسر النون (وَأَهْلُ العِرَاقِ الشَّكِلَة) بفتح المعجمة وكسر الكاف، وهنَّ (الْمُتَحَبِّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ) وفي بعضِها: <المُحَبَّبَاتُ >، والتفعيلُ يجيءُ بمعنى التَّفَعُّل، ومرَّ في كتاب بدءِ الخلق في صفة الجنة [خ¦59/8-5029]. وقال: {وَظِلٍّ مِن يَحْمُومٍ} [الواقعة:43] أي (دُخَانٌ أَسْودٌ)، قال : {كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِيْنَ} [الواقعة:45] أي (مُمَتَّعِيْنَ)، {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ} [الواقعة:46] أي (يُدِيْمُونَ)، {فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} [الواقعة:86] أي (مُحَاسَبِيْنَ)، و{أَفَرَأيتُم مَّا تُمْنُونَ} [الواقعة:58] أي (مِنَ النُّطَفِ فِيْ أَرْحَامِ النِّسَاءِ)، وقال: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة:75] أي (بِمُحْكَمِ القُرْآنِ) ويُقال للقرآن: نجوم لأنَّه نزل نَجْمًا نَجْمًا، قال في «الكشَّاف»: أي بأوقاتِ وقوع نُجوم القرآن أي أوقات نزولها.
          قولُه: (بِمَسْقَطِ) بفتح القاف أي بمغرب، ولعلَّ لله سبحانَه وتعالى في آخر الليل إذا انحطَّت النجومُ إلى المغرب أفعالًا مخصوصةً عظيمةً.
          فإن قُلتَ: ما مُراده بقولِه: (مَوَاقِعُ وَمَوْقِعٌ وَاحِدٌ) والأوَّل جمعٌ والثاني مفردٌ؟ قُلتُ: غَرضُه أنَّ مفادَهما واحدٌ لأنَّ الجمعَ المضاف والمُفردَ المضاف كليهما عامَّان بلا تفاوتٍ على الصَّحيح، أو لأنَّ إضافتَه إلى الجمع تستلزمُ تعدُّده كما يُقال: قلبُ القومِ، والمرادُ قلوبُهم. وقال : {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ} [الواقعة:81] أي (مُكَذِّبُونَ) وقال غيرُه : أي مُتهاونون به، وقال: {فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقعة:91] تقديرُه: (فَسَلَامٌ لَكَ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمِيْنِ)، فحُذِفَت (إِنَّ) عن اللَّفظ لكنَّه مرادٌ في المعنى، وذلك كقولك لمَن قال: إنِّي مسافرٌ عن قريب: أَنْتَ مُصَدَّقٌ أنَّك مُسافِرٌ. و(أُلْقِيَتْ) في بعضِها بالقاف وفي بعضها بالغين المعجمة، و(سَلَامٌ) في بعضِها: <مُسَلَّمٌ>، وفي بعضِها: <سَلْمٌ> وقد يكون كالدُّعاء مِن أصحاب اليمين له، كقول القائل: سُقْيًا لكَ؛ دعاءٌ مِن الرِّجال له، قال الزَّمخشَريُّ: معناه سلامٌ لك يا صاحبَ اليمين مِن إخوانك أصحابِ اليمين، أي يُسلِّمونَ عليك.
          قولُه: (إِنْ رَفَعْتَ السَّلَامَ) فإن قُلتَ: لم يقرأْهُ أحدٌ بالنَّصب، فما الغرضُ منه؟ قُلتُ: الغرضُ أنَّ (سَقْيًا) بالنَّصب هو دعاءٌ بخلاف السَّلام فإنَّه هو بالرَّفع دعاءٌ وعند النَّصب لا يكون دعاءً.