الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

سورة يوسف عليه السلام

          ░░░12▒▒▒ (سُورَةُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ).
           (♫)
          قولُه: (فُضَيْلٌ) مصغَّر الفَضْلِ بالمعجمة، و(حُصَيْنٍ) بضمِّ المهملة الأولى وفتح الثانية، وقال مجاهد: (المُتْكُ) بضمِّ الميم وسكون الفوقانيَّة باللغة الحَبَشيَّة: الأتُرْنْجُ وقد تُدغم النون في الجيم فيُقال الأُتْرُجُّ. وقال سفيان بن عُيينة عنه وإن كان إسناده مجهولًا: (كُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ بالسِّكِّينْ) فهو مَتْكٌ مِن مَتَكَ الشيءُ إذا قطعَه فهذا أعمُّ مِن الأول. والمَكُّوْكُ بفتح الميم وشدَّة الكاف الأُولى (الفَارِسِيُّ) هو مِكيَالٌ فيه ثلاثُ كَيْلَجَاتٍ.
          قولُه: (غَيَابَةِ) بالجرِّ قال تعالى: {أَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف:10]. وقال {بَلَغَ أَشُدَّهُ} [يوسف:22] ويُقال : بلغوا أشدَّهم، يعني يُضاف إلى المفرد والجمع بلفظ واحد، وقال بعضهم: هو جمعٌ ومفردُه شدَّ، والأشدُّ يطلق على حالٍ بعد حصول القوة، وقبل الضَّعف.
          واعلم أنَّ البخاريَّ يريد أنْ يُبيِّن أنَّ المُتَّكَأَ في قوله تعالى: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [يوسف:31] اسمُ مفعول مِن الاتِّكاء وليس هو مُتَّكأٌ بمعنى الأُترُجِّ ولا بمعنى طرفِ الفَرْجِ فجاء فيها بعبارات معجرفة.
          قولُه: (وَأَبْطَلَ) أي مَن قال أنَّ المتَّكأَ بمعنى الأُتْرُج فقد قال باطلًا إذ ليس في كلامِهم ذلك، ولما ثبت أنَّ المُتَّكأَ عبارةٌ عن النِّمْرَقَةِ والمِخَدَّةِ ونحوِهما لا عن الأُترجِّ في لغتهم (فَرُّوا إِلَى شَرٍّ مِنْهُ) وأبعدَ مِن ذلك نقلًا عنهم، ومعنى (فَقَالُوا) المراد منه (المُتْكُ) الذي بمعنى (طَرَفُ الْبَظَرِ) بالموحَّدة والمعجمة أي الفَرْجِ، وهو أيضًا مثلُ ما تقدَّم مضموم الميم ساكنَ التاء الفوقانيَّة، و(يُقَالُ لَهَا) أي للمرأة (المَتْكَاءُ) مؤنَّثُ الأَمْتَكِ وأَفْعَل الصِّفة، وللرجل: (ابْنُ المَتْكَاءِ)، وفي بعضها: <المَتْكُ> بفتح الميم، والمَتْكَى بلفظ مؤنث أفعل التفضيل، و(ثَمَّةَ) أي في ذلك المجلس أُتْرُجٌّ، (فَإِنَّهُ يُعَدُّ) أي: يُهيَّأُ ويُرتَّب المُتَّكأ، وفي بعضِها: <بَعْدَ المُتَّكَأ> ضدَّ قبل، وفي بعضِها: <مَعَ المُتَّكَأ>، قال في «الكشاف»: قال الشَّاعر:
وأَهدَتْ مُتْكَةُ لِبَنِي أَبِيْهَا                     تخبُّ بها العَثَمْثَمَةُ الوَقَاحُ
          وتخب مِنَ الخَبِّ بالمعجمة والموحَّدة، والعَثَمْثَمَة بفتح المهملة والمثلثتين الناقة الشديدة، والوقاح بالقاف والمهملة الصلبة. وقال: وكانت أهدت أُترجَّةً على ناقة وكأنَّها الأُترجَّةُ التي ذكرها أبو داود في «سننه» أنها شُقَّت بنصفين وحُمِلا كالعِدلين على جمل. الجوهري: المَتْكَاءُ مِن النِّساء التي لم تُخفَضْ، والمَتْكُ ما تُبقيه الخاتنة، وقال بعضهم: إنه الأُتْرُجُّ حكاه الأَخْفَشُ.
          قولُه: (إِلَى شِغَافَهَا) أي وصل الحُبِّ إلى غِلاف قلبِها، (وَأَمَّا شَعَفَهَا) بإهمال العين فهو مِن الشعوف، يُقال: شَعَفَهُ الحبُّ أي أحرقَ قلبَه.
          قولُه : / (الضِّغْثُ) في قوله تعالى: ({وخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} [ص:44]) بمعنى الكفِّ مِن الحَشيش لا بمعنى ما لا تأويلَ له، و(المِيْرَةِ) الطعام. و(السِّقَايَةُ) هي الصُّواع، قيل: كان يسقي بها الملك ثم جُعلَت صاعًا يُكال به. وقال تعالى {تَفْتَأُ تَذْكُرُ} [يوسف:85] أي لا تَفتأُ، فحذفَ حرفَ النفي، أي تالله لا تزالُ تذكر يوسفَ. وقال: (غَاشِيَةٌ) أي نقمةٌ (عَامَّةٌ)، و(مُجَلِّلَةٌ) بالجيم تأكيدٌ، يُقال: جَلَّلَ الشيءَ تَجليلًا، أي عمَّ. و(تَيْأَسُوا) يعني الاستفعال بمعنى الثُّلاثي، و(مَعْنَاهُ) أي معنى عدم اليأس (الرَّجَاءُ) أو معنى التركيب الرجاء إذ لا روحَ ثَمَّةَ حقيقةً، و(خَلُصُوا) أي (اعْتَزَلُوا) عن الناس وانفردوا عنهم، والنَّجِيُّ يستوي فيه المذكر والمؤنث والمثنى والجمع وجاء الأَنْجِيَةُ جمعًا له.