الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

الشعراء

          ░░░26▒▒▒ قال: (سُورَةُ الشُّعَرَاءِ)
          قال تعالى : {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيْعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ. وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشُّعراء:128-129] كانوا يَبنون بروجًا للحَمامات يعبثونَ بها، و(الرِّيْعُ) المرتفع مِن الأرض، وقيل: هو الارتفاع والجمع (رِيَعَه) بكسر الراء وفتح الياء، وأما الأَرْياع فمفردُه (رِيْعَةٌ) بالكسر والسُّكون. والمَصْنَعَةُ كالحَوض يُجمع فيها ماءُ المطر، والمَصَانِعُ الحُصُونُ أيضًا، وقيل: هو عام لكلِّ بناءٍ، و(لَعَلَّكُمْ) بمعنى (كَأَنَّكُمْ). وقال تعالى: {وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ. وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} [الشعراء:148-149] والهَضِيْمُ المُتَفَتِّتُ عند المَسَاس، و(فَرِهِيْن) بمعنى فَرِحينَ أي (مَرِحِيْنَ) و(فَارِهِيْنَ بِمَعْنَاهُ وَيُقَال) معنى (فَارِهِيْنَ حَاذِقِينَ) أي ماهرين. وقال: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:176]، الأَيْكُ الشَّجرُ المُتجمِعُ المُلتفُّ الكثير، والواحدة (أَيْكَة)، وقيل: هي الغَيْضَةُ _بالمعجمتين_ أي الأَجَمَةُ، وأمَّا (لَيْكَةُ) بفتح اللَّام فهي اسمُ قريةٍ.
          وقال : {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء:185]، أي (المَسْحُورِيْنَ). وقال: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء:184]، أي (الخَلْقُ)، و(جُبِلَ) بلفظ المجهول أي خُلِق، والجُبُلُّ بالضمَّتين وبالتَّشديد) في اللَّام وبالسُّكون والتَّخفيف وبالكسرتين والتَّشديد الخَلْق. وقال: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [الشعراء:183] له استعمالان: عثا يعثو، وعِثى _بكسر المثلَّثة_ يَعثِي، و{لَا تَعْثَوْا} مشتقٌّ مِن الثَّاني، وأمَّا قولُ البخاريِّ: (عَاثَ يَعِيْثُ عَيْثًا) فإن أراد منه أنَّ الأجْوَف في معنى النَّاقص فصحيح، وإن أراد أنَّ {لَا تَعْثَوا} مشتقٌّ منه ففاسد، والظَّاهر مِن حالِه الأوَّل ومِن لفظِه الثَّاني.
          وأمَّا لفظ {مَوْزُونٌ} فليس في هذه السُّورة واللَّائقُ بذكرِه سورة الحِجْر [الآية:19]. وقال: {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء:63] أي (كالْجَبَلِ).