تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب بنيان المسجد

          ░62▒ (بَابُ: بُنيَانِ المسجِدِ) أي: النبوي، أي بيان كيفية بنيانهِ.
          (مِن جَرِيدِ النَّخلِ) الجَريد: ما جرد عنه الخوص، فإن لم يجرد فسَعَفٌ.
          (أَكِنَّ النَّاسَ) _بفتح الهمزة وكسر الكاف_ أمرٌ من أَكَنَّ الرباعيِّ؛ أي: اصنع لهم كِنًّا_بالكسر_ وهو ما يسترهم من الشمس ونحوها، وفي نسخة: <كِنَّ>_بحذف الهمزة وكسر الكاف_ من كَنَيتُ(1) الشيءَ: سترته، فهو أمر من الثلاثي، وفي أخرى: <أُكِنُّ>_بضم الهمزة وكسر الكاف والرفع_ مضارع (أَكَنَّ(2))، وفي أخرى: <كُنَّ>_بحذف الهمزة وضمّ الكاف_ على أنه من كَنَّه فهو مكنون؛ أي: صانه، فـ (النَّاسُ) مرفوع. (فَتَفتِنَ) _بفتح الفوقية_ من فتن يفتن، وقيل:_بضمِّ الفوقية_ من أَفتَن، وأنكره الأصمعيُّ. (يَتَبَاهَونَ) من المباهاة؛ أي: يتفاخرون. (بِهَا) أي: بالمساجد. (إِلَّا قَلِيلًا) بنصبه ويجوز رفعه على البدل من ضمير الفاعل في (يَعمُرُونَها). (لَتُزَخرِفُنَّهَا) _بفتح لام القسم، وبضم الفاءِ_ لتدل(3) على واو الضمير المحذوفة عند اتصال نون التوكيد(4)، من الزخرفة وهي الزينة بالذهب ونحوه. (كَمَا زَخرَفَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى) أي: كنائسَهم وبِيَعَهم.
          واستنبط من ذلك: كراهة زخرفة المساجد؛ لاشتغال قلب المصلِّي بها، أو لصرف المال في غير وجهه، لكن إن وقع ذلك من غير بيت المال على سبيل التعظيم للمساجد فلا بأس به.


[1] في (د): ((أكنيت)).
[2] في (د): ((كن)).
[3] في (ع) والمطبوع و(د): ((ليدل)).
[4] في الأصل و(د): ((التأكيد))، والمثبت من (ع) والمطبوع.