تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

حديث: بينما أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب

          3620- (أَبُو اليَمَانِ) هو الحكَم بن نافع. (شُعَيْبٌ) أي: ابن أبي حَمزة. (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ) في نسخة: <عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ>. (وَلَنْ تَعْدُوَ) أي: لن تجاوز. (أَمْرَ اللهِ) أي: حكمه. (ليَعْقِرَنَّكَ اللهُ) أي: ليقتلنك. (لَأَرَاكَ) بفتح الهمزة، وفي نسخة: بِضَمِّهَا. (الَّذِي أُرِيتُ) أي: في منامي.
          3621- (فَأَخْبَرَنِي) إلى آخره، مِن مقول ابن عبَّاس. (سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ) قال شيخنا : (مِنْ) لبيان الجنس، كقوله تعالى: {وَحُلُّوا أَسَاورَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان:21] و(1) وَهم مَن قال: إنَّ الأساوِر لا تكون إلا مِن ذهَبٍ فذكر الذهب للتأكيد، فإن كان مِن فضَّة فهو قُلْب.
          (فَأَهَمَّنِي) أي: أحزنني (شَأْنُهُمَا)؛ أي: لكون الذهب مِن حلية النساء.
          (أَنِ انْفُخْهُمَا) بالجزم أمر، ويجوز كما قال الطِّيبي أن تكون (أَن) مفسرة؛ لأنَّ أوحى يتضمن معنى القول، وأن تكون ناصبةً والجار محذوف، وفي ذلك مع ما بعده دلالة على اضمحلال أمرهما وكان كذلك.
          (فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ) أي: لأن الكذب وضع الشيء في غير محله كما أنَّ وضع سِوارَي الذهب المنهي عن لبسه في يديه صلعم مِن وضع الشيء في غير محله؛ إذ هما مِن حلية النساء كما مرَّ.
          (يَخْرُجَانِ بَعْدِي) أي: يُظهران شوكتهما ودعواهما النبوة بعدي، كذا نقله(2) النَّوَوي عن العلماء، قال شيخنا: وفيه نظر؛ لأن ذلك كله ظهر للأسوَد بصَنعاءَ وقُتل في حياته صلعم، وأما مُسَيلِمة فهو وإن ادَّعى النبوة في حياته صلعم لكن لم تعظم شوكته ولم تقع محاربته إلا في زمن الصدِّيق، فإمَّا أن يحمل ذلك على التغليب، أو أنَّ المراد بقوله: (بَعْدِي) أي: بعد نبوَّتي.


[1] قوله: ((و)) ليس في (ع).
[2] في المطبوع: ((قاله)).