التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب المعانقة وقول الرجل: كيف أصبحت؟

          قوله: (بَابُ الْمُعَانَقَةِ، وَقَوْلِ الرَّجُلِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟): ساق ابن المُنَيِّر حديثَ الباب؛ وهو حديث ابن عَبَّاس: (أنَّ عليًّا خرج مِن عندِ النَّبيِّ / صلعم في وَجَعِه الذي تُوُفِّيَ فيه، فقال الناس: يا أبا حسنٍ؛ كيف أصبح رسولُ الله صلعم؟ فقال: أصبح بحمدِ الله بارئًا)، قال ابن المُنَيِّر: («المعانقة» ترجم عليها، ولم يذكر حديثَها، وإن كان قد ذكر معانقةَ النَّبيِّ صلعم للحسن في غير هذا الكتاب، ذكره في «باب ما ذُكِر في الأسواق» [خ¦2122]، وكأنَّ الذي منعه مِن ذكره ههنا أنَّ عادته لا يُكرِّر الحديثَ إلَّا إذا اختلف ألفاظُه أو إسنادُه، فلمَّا لم يجد لهذا الحديث عنده إسنادًا آخَرَ؛ كان في مُهْلةِ التماسه، فاختُرِم قبل ذلك، والله أعلم) انتهى، وفيما قاله نظرٌ؛ إذ قد كرَّر أحاديثَ متنًا وإسنادًا، وقد ذكرتُ منها عدَّة أحاديثَ قبل هذا [خ¦25/116-2684]، وهي قابلةٌ للزيادة، وأيضًا الحديثُ المشارُ إليه عند البُخاريِّ بإسناد آخَرَ، فإنَّه أخرجه في (اللباس) عن إسحاق بن إبراهيم الحنظليِّ، عن يحيى بن آدم، عن ورقاء بن عمر، عن عُبيد الله بن أبي يزيد [خ¦5884]، وفي (باب ما ذُكِر في الأسواق) أخرجه عن عليِّ بن عبد الله، عن سفيان، عن عُبيد الله بن أبي يزيد، عن نافع بن جُبَيرٍ بن مُطعِم، عن أبي هريرة [خ¦2122]، فهذان إسنادان مختلفان، وكذا المتنان أيضًا بينهما اختلافٌ، والذي يظهر _والله أعلم_ أنَّه ذكر (المعانقة) في الترجمة، ولم يذكر لها حديثًا؛ اعتمادًا على الحديثِ الذي فيه معانقتُه للحسن _لشهرته_ ولغيره؛ كحديث معانقته لزيد بن حارثة لمَّا قدم المدينة، روَته عائشةُ ♦، أخرجه التِّرْمِذيُّ وقال: حسنٌ.
          وجوابٌ آخرُ أحسنُ مِن هذا؛ وهو أنَّ (المعانقةَ) و(الواوَ) التي بعدها ثابتةٌ في بعض الرِّوايات، وفي بعضها محذوفةٌ، فتبقى الترجمة على حذفها: (باب قول الرجل: كيف أصبحت؟)، وعلى هذه؛ فلا سُؤال عليها، وقد قال شيخنا: (ذكر المعانقة مضروبٌ عليه في أصل الدِّمْيَاطيِّ)، انتهى.