التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال

          قوله: (بَابُ تَسْلِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ): ذكر في الباب سلَامَ جبريلَ على عائشةَ، وردَّ عائشةَ عليه، وهذا يقتضي أنَّ جبريلَ رجلٌ، وقال شيخُنا: (اعترض الداوديُّ على إدخاله حديثَ عائشةَ في الباب؛ لأنَّ الملائكة لا يُقال لهم: رجالٌ، ولا نساء، ولكنَّ الله تعالى خاطبهم(1) بالتذكير)، انتهى، وهذا قدَّمته عَنِ ابن جُبَيرٍ: أنَّهم ليسوا بذكور، ولا إناث، ولا يتوالدون، ولا يأكلون، ولا يشربون، انتهى [خ¦59/6-4994].
          أمَّا أنَّهم ليسوا بإناث؛ فهو بالنصِّ، وأمَّا كونهم ليسوا بذكور؛ فهذا يحتاج إلى نصٍّ، لا بمعنى أنَّهم ذوو فروج، هذا ممَّا لا يجهله أحد أنَّهم ليسوا بأصحاب فروج، وفي «التذكرة» للقرطبيِّ في قوله: (باب منه وذِكْر أصحاب الأعراف)، في أواخر هذا الباب ذَكَر أصحاب الأعراف، وذَكَر فيهم اثني عشرَ قولًا؛ منها: (أنَّهم ملائكةٌ موكَّلون بهذا السُّور(2)، يُميزون الكافرين مِنَ المؤمنين قبل إدخالهم الجنَّة والنار، قاله أبو مِجْلَز لاحقُ بن حُمَيدٍ، فقيل له: لا يُقال للملائكة: رجالٌ، فقال: إنَّهم ليسوا بذكورٍ، وليسوا بإناث، فلا يَبعد إيقاعُ لفظ «الرِّجال» عليهم؛ كما وُضِعَ على الجنِّ في قوله: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ}[الجن:6]) انتهى، وقد ذكرتُ بعض كلامٍ على الملائكة في (باب الملائكة) في (ابتداء الخَلْق) [خ¦59/6-4994]، وذكرتُه هنا أيضًا؛ لبُعْدِه، والله أعلم.
          وقوله في الترجمة: (باب تسليم الرجال على النساء...) إلى آخرها: لا يجوز ذلك عند الشَّافِعيَّة إلَّا ألَّا تُخافَ الفتنةُ بهنَّ، وكذا في سلامهنَّ على الرجال بهذا الشرط، وكذا يجوزُ سلامُ الرجل على المرأة مِن محارمِه، وعكسُه.


[1] في (أ): (خاطب فيهم)، تبعًا لنسخته من «التوضيح»، والمثبت من بعض النسخ المعتمدة في «التوضيح»، كما أشار محقِّقوه.
[2] في (أ): (الصور)، والمثبت من مصدره.