التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب نسيان القرآن وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا؟

          قوله: (بابُ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ): ذكر ابن المنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ترجم على نسيان القرآن، فأضاف النسيان إليه، وذكر الأحاديث التي ظاهرها التعارض، فقوله ◙: «أَسْقَطْتُهُنَّ من سورة كذا» [خ¦5037] يدلُّ على الجواز؛ لأنَّ الإسقاط نسيانٌ، وقد أضافه إلى نفسه على أنَّه الفاعل، وإلى القرآن على أنَّه المتعلِّق، وقوله: «بئس ما لأحدهم يقول: نسيت آية كذا» [خ¦5032] إنكارٌ لهذا الإطلاق، فأفهم أنَّ محمل(1) المنع غير محمل الإذن، فالذي مَنَع [أن] يُوهِمَ بإطلاقه أنَّه ترك شيئًا مِن كتاب الله؛ لأنَّ «نسي» مشتركٌ بين «سها» وبين «ترك» قصدًا، فلمَّا كان موهمًا(2)؛ مُنِع إطلاقُه، وأمَّا قوله: «أَذْكَرَنِي... آيةً أَسْقَطْتُهَا» [خ¦5042]؛ فهو صريحٌ في السهو بقرينة قوله: «أَذْكَرَنِي»، فزال(3) الوَهم، فجاز الإطلاق، وظنَّ الشارح أنَّ النهي عن قوله: «نَسِيتُ» من قَبِيل إلزامِ إضافةِ الأفعال إلى الله؛ لأنَّه خالقُها حقيقةً، وإضافتها(4) إلى الغير مجاز(5)، وهذا وَهَمٌ منه؛ لأنَّه لو كان كذلك؛ لاطَّرد كلُّ فعلٍ، ولَعارَضَ قولَه: «أَسْقَطْتُهُنَّ»، ثُمَّ هو خلاف الإجماع في جواز إضافة أفعال العباد إليهم مع العلم بأنَّها مخلوقة لله تعالى، فليس إلَّا ما قدَّمتُه، والله أعلم، ولهذا خلَّص الوَهم بقوله: «بل هو نُسِّيَ»؛ لأنَّ هذا لا يُوهِمُ التركَ عمدًا من نفسه؛ فتأمَّله)، انتهى، وقد تأمَّلتُه فرأيتُه حسنًا.


[1] في (أ): (محل)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[2] في (أ): (يفسرها)، والمثبت من مصدره.
[3] في (أ): (قول)، والمثبت من مصدره.
[4] كانت في (أ): (أضافها)، والمثبت من مصدره.
[5] في (أ): (مجازًا)، والمثبت من مصدره.