التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: كان جبريل يعرض القرآن على النبي

          قوله: (بابٌ: كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى النَّبِيِّ صلعم): فيه تصريح بأنَّ الذي كان يقرأُ جبريلُ، ورسولُ الله صلعم يسمعُ، وهذا يأتي بعد هذا الباب مِن حديث أبي هريرة: «كانَ يعرضُ على النَّبيِّ صلعم القرآنَ كلَّ عامٍ مرَّةً، فعرضَ عليه مرَّتين في العام الذي قُبِضَ فيه» [خ¦4998]، والذي كنتُ أفهمه: أنَّ رسولَ الله صلعم كان يقرأُ على جبريلَ في رمضان ما نزل مِن القرآن في كلِّ سنةٍ مرَّةً، وفي سنة وفاته قرأه عليه مرَّتين، ويشهد لهذا الفهم ما يأتي بُعيد التبويب: «يعرض عليه رسولُ الله صلعم القرآنَ» [خ¦4997]، وقد تَقَدَّم في (الصوم) [خ¦1902]، أمَّا في حالة الإنزال؛ فجبريل كان القارئَ، ورسولُ الله صلعم المستمع، فإذا انصرف جبريلُ؛ قرأه النَّبيُّ صلعم.
          وقال ابن قُرقُول كلامًا فيه حجَّة لما بوَّبه البُخاريُّ، فإنَّه قال: (قولُه: «كان يعرض عليه القرآن»، و«يعارضه القرآن»: يقرأ عليه، والعرض على العالِم: قراءتك عليه في كتابك)، وفي «النِّهاية»: (ومنه الحديث: أنَّ جبريل ◙ كان يعارضه القرآن في كلِّ سنة مرَّةً، وأنَّه عارضه العامَ مرَّتين؛ أي: كان يُدارسه جميع ما نزل مِن القرآن، مِنَ المعارَضة: المقابَلة، ومنه عارضتُ الكتاب بالكتاب؛ إذا قابلتُه به) انتهى، والجمعُ بين الروايتين: أنَّ جبريل تارةً كان يقرأ على النَّبيِّ صلعم، وتارةً يقرأُ النَّبيُّ صلعم على جبريل هذا الذي نزل مِن القرآن، لا جميعه؛ لأنَّه نزل مُنَجَّمًا، وعبارةُ ابن الأثير مُصرِّحة بذلك، وقد سألني بعضُ أئمَّة الحنفيَّة بحلبَ عن ذلك سؤالَ استفادةٍ، فقلت: الذي نزل منه فقط، لا كلُّه، وأخرجتُ له كلام ابن الأثير.
          قوله: (كَانَ يُعَارِضُنِي): تَقَدَّم معناه في ظاهرها [خ¦3624].
          قوله: (وَلَا أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجَلِي): (أُراه): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه.