التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: تريدين أن تصومي غدًا؟

          1986- قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان(1)، شيخُ الحُفَّاظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا [خ¦43].
          قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا غُنْدَُرٌ): (مُحَمَّد) هذا: تقدَّم الكلام عليه في (الصلاة) [خ¦1214]، قال الجيَّانيُّ(2) في «تقييده»: (وقال في «الصِّيام» [خ¦1986]، و«تفسير {اقْتَرَبَتِ[خ¦4873]، و«الطَّلاق» [خ¦5323]: «حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا غُنْدَُر» لم ينسب أحدٌ من شيوخنا [محمَّدًا] في شيءٍ مِن هذه المواضع، ولعلَّه: مُحَمَّد بن بَشَّار وإن كان مُحَمَّدُ بن المثنَّى يروي عن غُنْدَُر، وذكر أبو نصر: أنَّ بُنْدارًا ومُحَمَّدَ بن المثنَّى الزَّمِنَ ومُحَمَّدَ بنَ الوليدِ البُسْرِيَّ قد رَوَوْا عن غندَُر في «الجامع») انتهى، وذكر شيخُنا قال: (ذكر أبو نُعَيم في «مستخرجه» والإسماعيليُّ: أنَّه ابنُ بَشَّار)، ثمَّ ذكر ما ذكره الجيَّانيُّ، ثمَّ قال: (وقال عليُّ بن المُفضَّل: الأقرب أنَّه بُنْدَار)، انتهى، وبُنْدَار: هو مُحَمَّد بن بَشَّار المذكور، انتهى، والمِزِّيُّ لم يقيِّده، بل قال: (مُحَمَّد) فقط.
          قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدَُرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّدُ بن جعفر، وتقدَّم ضبطُ (غُنْدَُر)، وتقدَّم مَن لقَّبه به، وهو ابن جُرَيج، ومعنى (غندَُر): المُشغِّب [خ¦87].
          قوله: (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ): هذا هو أبو أيُّوب المَرَاغيُّ الأزديُّ، يحيى بن مالك، وقيل: حَبِيب ابن مالك، له عن جُوَيريةَ، وأبي هريرة، وسَمُرَةَ، وابنِ عبَّاس، وعبدِ الله بن عمرو، وعنه: أبو عِمران الجونيُّ، وقتادةُ، وثابتٌ، وثَّقه النَّسائيُّ وغيرُه، ذُكِر في «الميزان» تمييزًا، أخرج له مَن عدا التِّرمذيِّ.
          قوله: (عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ): هذه أمُّ المؤمنين، ابن أبي ضرار، الخزاعيَّة المصطلقيَّة، روى عنها: ابنُ عبَّاس، وعبدُ الله بن شدَّاد ابن الهادي، ومجاهدٌ، وغيرُهم، سباها النَّبيُّ صلعم يوم المريسيع؛ وهي غزوة بني المصطلق، وكانت سنةَ خمسٍ، [قاله الواقديُّ، أو سنةَ ستٍّ]، قاله خليفة، وكان اسمها بَرَّة، فسمَّاها ╕ جويريةَ، وكانت تحت مسافع بن صفوان المصطلقيِّ، فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن الشَّمَّاس، / أو ابن عمٍّ له، فكاتبته، وكانت جميلةً، قالت عائشة: كانت جُويرية عليها حلاوة وملاحة لا يكاد أحدٌ يراها إلَّا وقعت بنفسه، فأتتِ النَّبيَّ صلعم تستعينه على كتابتها، فوالله ما هو إلَّا أن رأيتُها على باب الحجرة، فكرهتُها، وعرفتُ أنَّه سيرى منها ما رأيتُ، فقالت: يا رسول الله؛ أنا جُوَيرية بنت الحارث سيِّدِ قومه، وقد أصابني من الأمر ما لم يخفَ عليك، وقد كاتبتُ وجئتك أستعينك، فقال: «هل لك في خير من ذلك؟» قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: «أقضي كتابتَك وأتزوَّجُكِ»، قالت: نعم، فقال: «قد فعلتُ»، وخرج الخبرُ إلى النَّاس، فقالوا: صهر رسول الله صلعم، فأرسلوا ما في أيديهم من السَّبي، قالت عائشة: فلا نعلم امرأة كانت أعظمَ بركةً على قومها منها، [قال الواقديُّ]: (تُوفِّيَت سنة ستٍّ وخمسين في ربيع الأوَّل، وصلَّى عليها مروان)، وقال غيرُه: سنة خمسين، ولها خمسٌ وستُّون سنةً، أخرج لها الجماعة.
          ووالدها الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن الحارث بن عائذ بن مالك بن المصطلق الخزاعيُّ(3)، استدركه أبو عليٍّ الغسَّانيُّ وحدَه، كذا قال الذَّهبيُّ، وإنَّه أسلم هو وابناه وطائفةٌ، انتهى، وفي «تاريخ دمشق»: (أنَّ أباها أسلم ☺).
          قوله: (أَمْسِ): هو بكسر السِّين، وهذا ظاهرٌ، و(أَمْسِ) حُرِّك آخره؛ لالتقاء السَّاكنين، واختلفَ العربُ فيه؛ فأكثرُهم يبنيه على الكسرِ معرفةً، ومنهم مَن يُعْرِبُه معرفةً، وكلُّهم يُعرِبُه إذا أَدخلَ عليه الألفَ واللَّامَ، أو صيَّرَه نكرةً، أو أضافه، تقول: مضى الأمسُ المبارك، ومضى أمسُنا، وكلُّ غَدٍ صائرٌ أمسًا، قال سيبويه: (وقد جاء في ضرورة الشِّعر: [من الرجز]
............... مُذَ أَمْسَ
          بالفتح).
          ولا يُصغَّر (أمسِ)، كما لا يُصغَّر (غدٌ(4))، و(البارحة)، و(كيف)، و(أين)، و(متى)، و(أيٌّ)، و(ما)، وأسماءُ الشُّهور والأسبوع غير (الجمعة)، والله أعلم.
          قوله: (أَنْ تَصُومِينَ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (تصومي)، وهذه جارية على الجادَّة.
          قوله: (فَأَفْطِرِي): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ.
          قوله: (وَقَالَ حمَّاد بْنُ الْجَعْدِ): ويقال فيه: حمَّاد بن أبي الجعد: (سَمِعَ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ: أَنَّ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَتْهُ): أمَّا (حمَّاد بن الجعد)؛ فهو هُذَليٌّ بصريٌّ، يروي عن قتادةَ وليثِ بنِ أبي سُلَيم، وعنه: أبو داود الطَّيالسيُّ وهُدْبةُ بن(5) خالد، قال ابنُ مَعِين: (ضعيف، ليس بثقة)، وقال أبو زُرْعة: (ليِّن)، وقال أبو حاتم: (ما بحديثه بأسٌ)، وضعَّفه أيضًا أبو داود والنَّسائيُّ، أخرج له البخاريُّ تعليقًا كما ترى، ولم يخرِّج له غيرُه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، فالتَّعليقُ صحيحٌ من البخاريِّ إلى حمَّاد، وحمَّادٌ ليس على شرطه.
          والحكمةُ في هذا التعليق؛ لأنَّ السَّند الأوَّل فيه شعبة، وقد عنعن عن قتادة، لكنَّ شعبة مِن أكره النَّاس في التَّدليس، وقد قدَّمت عنه: (أنَّه أخو الكذب)، و(لَأَن أزني أحبُّ إليَّ من أن أدلِّس) [خ¦34]، ولكنَّ الخلافَ جارٍ فيه وفي غيرِه، وقتادةُ مُدلِّسٌ، وقد عنعن في الأوَّل عن أبي أيُّوب، وأبو أيُّوب عنعن عن جُويرية، فصرَّح في هذا التَّعليق بتحديث قتادة من أبي أيُّوب، وأبو أيُّوب صرَّح بالتَّحديث من جُويرية وإن كان أبو أيُّوب غير مُدلِّس؛ فالخلاف في العنعنة مطلقًا، فأتى بهذا؛ لتصريحهم بالتَّحديث، والله أعلم.
          وتعليق حمَّاد بن الجعد ليس في شيء من الكتب السِّتَّة، ولم يعزُه شيخُنا.


[1] زيد في (ب): (الحافظ).
[2] في (ب): (الجبائي)، وهو تصحيفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[3] في (ج): (الخزادعي)، وهو تحريفٌ.
[4] في (ب): (غدًا)، وليس بصحيح.
[5] (بن): سقط من (ب).