التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد؟

          قوله: (بَابُ تَرْجَمَةِ الحُكَّامِ، وَهَلْ يَجُوزُ تُرْجُمَانٌ وَاحِدٌ؟): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (وجه الدليل من قصَّة هرقل _مع أنَّ فعله لا يُحتَجُّ به_: أنَّ مثل هذا مصوَّب(1) من رأيه، وكثيرٌ ممَّا(2) رآه في هذه القصَّة صوابٌ يوافق الحقَّ، فموضع الدَّليل تصويبُ حملة الشريعة لهذا وأمثاله من رأيه، وحسن تقضِّيه، ومناسبة استدلاله، ولكنَّه قُضِي عليه، فبقي على ضلاله) انتهى.
          قوله: (وَهَلْ يَجُوزُ تُرْجُمَانٌ وَاحِدٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (التَّـُرجمان)، وأنَّه بفتح التَّاء وضمِّها، وهل نونه أصليَّة أم لا، مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق [خ¦7]، وهو المُعبِّر عن لغة بلغة أخرى، وسيأتي في كلامه وكلامي: هل التَّعدُّد شرط أم لا؟
          7195- قوله: (وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ): (خارجة) هذا: الفقيه أبو زيد الأنصاريُّ، عن أبيه وأسامة بن زيد، وعنه: ابنه سليمان، والزُّهْرِيُّ، وأبو الزِّناد، ثقة إمام، تُوُفِّيَ سنة ░99هـ▒، تَقَدَّمَ [خ¦1361]، أخرج له الجماعة، كذا قال الذَّهَبيُّ في «الكاشف» في وفاته، وفي «الوفيات» جزم بمئة.
          وهذا التَّعليقُ المجزوم به أخرجه أبو داود في (العلم) عن أحمد ابن يونس، والتِّرْمِذيُّ في (الاستئذان) عن عليِّ بن حُجْر؛ كلاهما عن عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّناد عن أبيه عنه به، وحديث التِّرْمِذيِّ أتمُّ، وقال: (حسن صحيح).
          قوله: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم أَمَرَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَ اليَهُودِ حَتَّى كَتَبْتُ لِلنَّبِيِّ صلعم كُتُبَهُ، وَأَقْرَأْتُهُ كُتُبَهُمْ): وقد تَقَدَّمَ عزوه إلى التِّرْمِذيِّ، وفيه: (فما مرَّ بي نصفُ شهرٍ حتَّى تعلَّمته)، وكذا في «أبي داود» في (العلم) انتهى، وكتابةُ اليهود بلسانهم وهي العبرانيَّة، وقد بوَّب عليه التِّرْمِذيُّ في «جامعه»: (باب تعليم السُّريانيَّة)، ثمَّ قال عقيب الحديث: (وقد رواه الأعمش عن ثابت بن عبيد، عن زيد بن ثابت يقول: أمرني رسول الله صلعم أن تعلَّم السُّريانيَّة)، فحمل الحديث الذي ذكره أوَّلًا: (أن أتعلَّم له كلمات يهود) على السُّريانيَّة؛ بدليل الرِّواية الأُخرى، وفي «مسند عَبْد بن حُمَيدٍ» في مسند زيد هذا: (قال لي النَّبيُّ صلعم: «إنِّي أكتبُ إلى قومٍ، فأخاف أن يزيدوا عليَّ أو ينقصوا، فتعلَّمِ السُّريانيَّة»، فتعلَّمتُها في سبعةَ عشرَ يومًا)، فهذا قد تعلَّم العبرانيَّةَ _على ما يظهر_ وكتابةَ السُّريانيَّة الأولى في دون نصف شهر، والسُّريانيَّةَ في سبعةَ عشرَ يومًا، وفي «المستدرك» في ترجمة زيد هذا: قال الواقديُّ: (كان يكتب بالعربيَّة وبالعبرانيَّة)، ثمَّ ذكر الحاكم حديثًا فيه: (أنَّه ◙ قال له: «أتحسنُ السُّريانيَّة؟» قلتُ: لا، قال: فتعلَّمْها؛ فإنَّه يأتينا كتبٌ»، فتعلَّمتُها في سبعةَ عشرَ يومًا)، عقَّبه بـ(صحيح)، والله أعلم.
          قوله: (مَاذَا تَقُولُ هَذِهِ): هذه المرأةُ لا أعرفُها.
          قوله: (فَقَالَ(3) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ): هو عبد الرَّحْمَن بن حاطب بن أبي بلتعةَ اللَّخْميُّ المدنيُّ، وُلِد في حياة النَّبيِّ صلعم، وله رؤيةٌ، وروى عن أبيه، وصُهَيب، وعبد الرَّحْمَن بن عوف، وغيرهم، وعنه: ابنه يحيى وعروة بن الزُّبَير، قال ابن سعد وغيره: (ثقة)، وقيل: كان من الفقهاء بالمدينة، قال المدائنيُّ وجماعة: (مات سنة ثمانٍ وستِّين)، عَلَّقَ له البُخاريُّ فقط، ولم يُخرِّج له غيره.
          قوله: (تُخْبِرُكَ بِصَاحِبِهَا الَّذِي صَنَعَ بِهَا(4)): الذي صنع بها لا أعرفه.
          قوله: (وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ (أبا جمرة) هذا: بالجيم، والرَّاء، وأنَّه نصر بن عمران الضُّبَعيُّ [خ¦53]، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (كنت أترجم بين يدي ابن عَبَّاس وبين النَّاس)، وما معناه، وما قال فيه ابن الصَّلاح أبو عَمرو، والله أعلم.
          قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ): هو بالتَّثنية، وهي تثنية: مُترجِم، واشتراطُ العدد في المُتَرجِم هو عند الشَّافِعيَّة أيضًا، قال أصحاب الشَّافِعيِّ: إن كان الحقُّ ممَّا يثبت برجل وامرأتين؛ قُبِل التَّرجمة من رجلين أو مِن رجل وامرأتين، وانفرد الإمام باشتراط / رجلين، واختاره البغويُّ لنفسه، وللمسألة فروعٌ اللَّائق بها كتبُ الفقه، والله أعلم.


[1] رسمها في (أ) يحتمل: (مكتوب)، ولعلَّها: (مُصوَّب)، وفي مصدره: (صوِّب).
[2] في (أ): (ما)، والمثبت من مصدره.
[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (قال)؛ بلا فاءٍ.
[4] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و(ق): (بصاحبهما الذي صنع بهما).