التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب: يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين ولا يصرف

          ░23▒ (بَاب يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَلَا يُصْرَفُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ).
          قوله: (وقَضَى مَرْوَانُ بِاليَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ: أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى المِنْبَرِ، فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْهُ) مروان هو ابن الحكم أمير المدينة، وهذا الأثر رواه مالك في «الموطأ» عن داود بن الحصين سمع أبا غطفان. بل طريق المزي قال: اختصم زيد بن ثابت وابن مطيع يعني: عبدالله إلى مروان في دار، فقضى باليمين على زيد على المنبر، فقال: أحلف له مكاني، فقال مروان: لا والله إلا عند مقاطع الحقوق، فجعل زيد يُحلِّفه إن حقَّه لحق، ويأبى أن يحلف على المنبر، فجعل مروان يعجب من ذلك.
          قال مالك: لا أرى أن يحلف على المنبر في أقل من ربع دينار، وذلك ثلاثة دراهم، ولم ير الشافعي تغليظ اليمين بالحلف عند منبر المدينة ولا بين الركن والمقام بمكَّة إلا في عشرين دينارًا فصاعدًا، قال الكرماني: وقوله: (عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى الْمِنْبَرِ) متعلق بـ(قَضَى)، لكن السياق يقتضي أن يتعلق باليمين لقوله: (أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ)، و(أَحْلِفُ) بلفظ المتكلم وإن كان المعنى صحيحًا بلفظ الأمر أيضًا، وقوله: (فَجَعَلَ يَعْجَبُ مِنْهُ) أي: طفق يعجب منه، قال الشافعي: لو لم يعلم زيد أن اليمين عند المنبر سنة لأنكر ذلك على مروان، كما أنكر عليه متابعة الشكوك، وهو أخذ (1) رمية تعظيمًا للمنبر وتهيبًا.
          قوله: (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ) هذا التعليق تقدَّم قريبًا مسندًا من حديث الأشعث بن قيس.


[1] كلمة غير مفهومة في الأصل.