التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب ما جاء في البينة على المدعي

          ░1▒ قوله: (باب مَا جَاءَ فِي البَيِّنَةِ عَلَى المُدَّعِي)
          هو من يذكر خلاف الظاهر، أو من لو تَرَك تُرِك، والمدَّعى عليه بخلاف ذلك، والفرق بين الرواية والشهادة مع اشتراكهما في أنَّهما جواب: أنَّ المخبر عنه في الرواية أمر عام لا يختص بمعين والشهادة بخلاف ذلك، قال الأصوليون: الرواية تقتضي تبرعًا عامًا، والشهادة تبرعًا خاصًا، ثمَّ إنَّه على ثلاثة أقسام: رواية محضة، كرواية / الأحاديث النبوية، وشهادة محضة، كإخبار الشهود عن الحقوق على المعيَّن عند الحكام ومركب منهما، كالإخبار برؤية الهلال لرمضان، فهو من جهة أن الصوم لا يختص بشخص معين بل عام على من دون مسافة القصر أو على من وافق مطلع بلده مطلع بلد الرؤية على خلاف في ذلك رواية، ومن جهة أنَّه مختص بأهل المسافة وبهذا العام شهادة.
          قوله تعالى: ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة:282] الآية) وجه استنباط الترجمة منها: أنَّه لو كان القول قول المدعي بلا بينة لما احتيج إلى الكتابة والإملاء والإشهاد عليه، فلما احتيج إليه دل على أن البينة على المدعي، قال ابن بطَّال: الأمر بالإملاء يدل على أن القول قول من عليه الشيء، وأيضًا إنَّه يقتضي تصديقه فيما عليه بالبنية على مدعي تكذيبه، ووجه استنباط الترجمة من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[النساء:135] الآية: أن الله تعالى قد أخذ عليه أن يقر بالحق على نفسه، فالقول قول المدعى عليه، فإذا كذبه المدعي فعليه البينة.