التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب ما قيل في العمرى والرقبى

          (كتاب العُمرى).
          ░32▒ (باب مَا قِيلَ فِي العُمْرَى وَالرُّقْبَى)
          العمرى: أن يقول الرجل لصاحبه: أعمرتك داري، أي: جعلتها لك مدة عمرك، فإذا قال هذا واتصل به القبض كان تمليكًا لرقبتها، ولذلك سمَّاها رسول الله صلعم هبة حيث قال: (أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ) وإذا صارت هبة؛ فهي له حياته ولورثته بعده، وقال مالك: هي تمليك للمنفعة حياته، فإذا مات رجعت الرقبة إلى المعمر، وأنواع العمرى مذكورة في كتب الفقه.
          والرقبى: أن يقول: أرقبتك داري، فإن مت قبلك فهي لك، وإن مت قبلي فهي لي، وهي مشتقة من الرقوب، كأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه، وحكمها حكم الهبة، وهذا الشرط _ وهو قوله: إن مت قبلي فهي لي _ لغو، وأنكر مالك وأبو حنيفة الرقبى، وقالا: لا اعتبار لها، والعمرى مشتقة من العمر.
          قوله: ({اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}[هود:61]: جَعَلَكُمْ عُمَّارًا) بتشديد الميم مع ضم العين المهملة، قال في «الكشاف»: استعمركم أي: أمركم بالعمارة، وقِيلَ: استعمركم من العمر، نحو: استبقاكم من البقاء، وقد قيل: من العمرى، أي: يكون استعمر في معنى: أعمر، كاستهلك بمعنى: أهلك، أي: أعمركم فيها دياركم، ثمَّ هو يرثها منكم بعد انقضاء أعماركم، وقال الأزهري في «تهذيبه»: استعمركم أي: أذن لكم في عمارتها واستخراج قوتكم منها، وقال ابن عرفة: أطال أعماركم، والعمرى بضم العين وسكون الميم وبضمها وبفتح العين وسكون الميم، نبَّه عليه القاضي عياض وغيره.