التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب: من أهدي له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق

          ░25▒ (باب مَنْ أُهْدِيَ لَهُ هديَّة وَعِنْدَهُ جُلَسَاؤُهُ، فَهُوَ أَحَقُّ).
          قوله: (وَيُذْكَرُ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ جُلَسَاءَهُ شُرَكَاءُ وَلَمْ يَصِحَّ) كأنَّه يشير بأثر ابن عبَّاس إلى ما أخرجه البيهقي من حديث محمَّد بن الصلت بسنده إلى ابن عبَّاس مرفوعًا: ((من أُهديت له هديَّة وعنده ناس؛ فهم شركاؤه فيها))، ورواه الطبراني أيضًا وفي سنده مندل بن علي، وهو شيعي صدوق وتكلم فيه، مات في خلافة المهدي سنة سبع وستين ومائة، ورواه عبد الرزاق عن محمَّد بن مسلم عن عمرو عن ابن عبَّاس، وروي ذلك موقوفًا، ووقفه أصح، ولم يصحُّ في الباب شيء، قال ابن بطَّال: ولو صح من قوله صلعم : ((جلساؤه شركاؤه)) لكان معناه عند الفقهاء الندب فيما خف من الهدايا وما جرت العادة بترك المشاححة فيه، وأمَّا ما عداه كالدور والعقار والمال الكثير؛ فصاحبها أحق بها على ما ترجم البخاري، ولذلك لما وهب ╕ الجمل لابن / عمر وهو مع الناس لم يستحق أحد منهم فيه شركة معه، وروي عن أبي يوسف القاضي: أن الرشيد أهدى إليه مالًا كثيرًا، فوصل إليه وهو جالس مع أصحابه، فقال له أحدهم: قال النَّبي صلعم : ((جلساؤكم شركاؤكم))، فقال له أبو يوسف: إن هذا الحديث لم يرد في مثل هذا، إنَّما ورد فيما خف من الهدايا وفيما يؤكل ويشرب بما تطيب النفوس ببذله والسماحة به، قال: وما ذكره عن ابن عبَّاس لا وجه له في القياس؛ لأنَّ المجالسة لا تثبت مشاركة في الهديَّة والهبة والصدقة ولا في غيرها من العطايا، كما لو انتقل إلى رجل ملك بميراث لا يشاركونه فيه. انتهى.
          وقوله صلعم : (هُوَ لَكَ يَا عبدالله بن عمر تصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ) صريح في عدم المشاركة، وكذلك الذي قضاه شيئًا أفضل من سنه، فإنَّه امتاز بالفضل بين السنين دون الحاضرين.