التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله

          5954- قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تقدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيانَ) بعدَ (عليِّ بنِ عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابنُ عُيَيْنَةَ.
          قوله: (وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ عَلَى سَهْوَةٍ): (سَتَرْتُ): قال شيخُنا: (بتشديد التَّاء المُثَنَّاة فوقُ)، انتهى، وكذا قال الشيخ محيي الدِّين النَّوَويُّ في «شرح مسلم» في (سترت على بابي دُرْنُوكًا): (إنَّه بتشديد التاء)، وهذا إن كانت الرِّوايةُ كذلك، وإلَّا؛ فـ(سَتَرَ) بالتخفيف متعدٍّ، يُقال: سترَ اللهُ عبدَه، و(الْقِرَامُ): بكسر القاف، وتخفيف الراء، قال ابن قُرقُول: (هو السِّترُ، قال الهرويُّ: «الرَّقيقُ»، قال ابنُ دُرَيْدٍ: «هو السِّترُ الرَّقيقُ وراءَ السِّترِ الغليظِ»، وهذا يَعْضُدُ قولَه في الحديث الآخر: «قِرَامُ سِتْرٍ»؛ أي: سِترٌ لسِترٍ، وقال الخليل: «القِرَامُ: ثوبٌ مِن صُوفٍ فيه ألوانٌ، وهو شفيفٌ، يُتَّخذُ سِترًا»، وإذا خِيط وصُيِّر بيتًا؛ فهو كِلَّةٌ)، انتهى، وذكر ابنُ الأثير بعض ما هنا، وفي «الصحاح»: (سِترٌ فيه رَقْمٌ ونُقوشٌ، وكذلكَ «المِقْرَمُ» و«المِقْرَمَةُ»).
          قوله: (عَلَى سَهْوَةٍ): هي بفتح السين المُهْمَلة، وإسكان الهاء، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: (قال أبو عُبَيْدٍ: «هي كالصُّفَّة بين يدي البيت، وقيل: بيتٌ صغيرٌ شبهُ المُخْدع»، وقال الخليلُ: «هي عيدانٌ تُعرَض بعضُها على بعضٍ، يُوضَعُ عليها المتاعُ في البيت»، قال ابنُ الأعرابيِّ: هو الكوَّة بين الدارينِ، قال غيرُه: هي أن يُبنَى بين حائطَيِ البيتِ حائطٌ صغيرٌ، ويُجعَل السَّقفُ على الجميع، فما كان في وسط البيت؛ فهو سَهْوةٌ، وما كان داخلَه؛ فهو مُخْدعٌ، وقيل: هو شبيهٌ بالرَّف والطاق، يُوضَع فيه الشيءُ، وقيل: هو شبه دخلةٍ داخلةَ البيت، وقيل: بيتٌ صغيرٌ مُنحدرٌ في الأرض، سَمكُه مرتفعٌ شبيهٌ بالخزانة، وقيل: هي صُفَّة بين بيتَين)، انتهى، وقال في «النهاية» بعضَ ما هنا، وقال غيرُهما: السَّهْوة: كالصُّفَّة وشبهِها.
          قوله: (فِيهَا تَمَاثِيلُ): تَقَدَّمَ الكلام على (التماثيل) [خ¦8/54-716].
          قوله: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا...)؛ الحديثَ: أي: مِن أشدِّهم، قال شيخُنا: (لأنَّ إبليسَ وابنَ آدمَ الذي سنَّ القتلَ أشدُّ النَّاس عذابًا)، انتهى، أمَّا إبليسُ؛ فنَعمْ؛ لأنَّ خطايا بني آدمَ عليه مثلُها؛ لأنَّه سنَّها لهم، مع خطيئته وهو كافرٌ، وأمَّا ابنُ آدمَ؛ فيحتاجُ إلى نصٍّ، ولا شكَّ أنَّ عليه مثلَ آثام القاتلينَ، والكلامُ في قوله: {مِنَ النَّادِمِينَ}[المائدة:31] معروفٌ، قيل: إنَّه لم يكن ندِمَ توبةً، إنَّما كان ندمُه على فقده، وإبليسُ كافرٌ، وحسَّن للناس الكفرَ والخطايا والفواحشَ، وأمَّا ابنُ آدمَ؛ فإنَّ عليه إثمَ قتلِ أخيه، ومثلَ آثام القاتلينَ، وهو شيءٌ كبيرٌ أيضًا؛ فيُحرَّر ذلك.
          قوله: (يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ) أي: يعارضُونَه ويُشَبِّهون أنفسَهم بالله في صنعها أو صنعتهم لها، ويحتمل أن يكونَ المراد بـ(خَلْقِ اللهِ): مخلوقاتِ الله، ومنهم مَن يهمزُ، ومنهم مَن لا يهمزُ، وقُرِئ بهما.