التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب القزع

          قوله: (بَابُ الْقَزَعِ): هو بفتح القاف والزَّاي، وبالعين المُهْمَلة؛ وهو أنْ تُحلَقَ مِن رأس الصَّبيِّ مَواضعُ، وتُترَكَ مواضعُ، وأصلُه: من (قَزَع السَّحابِ)؛ وهي قِطَعٌ دِقاقٌ(1) متفرِّقاتٌ، قاله أبو عُبيد، كذا ذكره الهرويُّ، وابنُ فارسٍ، والجوهريُّ، وقال اللَّيثُ عن الخليل في النَّهي عن القَزَعِ: (هو أخذُ بعض الشعر، وتركُ بعضِه مِنَ الرأس)، وكذا قال في «المُحكَم»، وسيأتي هنا: (وَمَا الْقَزَعُ؟ فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللهِ قَالَ: إِذَا حُلِقَ الصَّبِيُّ، وَتُرِكَ هَهُنَا [شَعَرَةً وَهَهُنَا] وَهَهُنَا، فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللهِ إِلَى نَاصِيَتِهِ وَجَانِبَيْ رَأْسِهِ...) إلى أن قال: (وَلَكِنِ الْقَزَعُ أَنْ يُتْرَكَ بِنَاصِيَتِهِ شَعَرٌ، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ شَـِقُّ رَأْسِهِ هَذَا وَهَذَا) [خ¦5920]، وقال الشيخ أبو إسحاقَ صاحبُ «التَّنبيه» في «المُهذَّب»: (ويُكرَه أن يَتركَ على بعض رأسه الشعرَ؛ للنَّهي عن القزَع)، وظاهرُ كلامه أنَّ مُطلَقَ البعضِ مكروهٌ، وقال الشيخ محيي الدِّين في «شرح مسلم»: («القزعُ»: حلقُ بعض الرأس مُطلَقًا، وقيل: إنَّه حلق مواضعَ مُتفرِّقةٍ منه)، قال الشيخ محيي الدين: (أجمع العلماء على كراهة القزَع إذا كان في مواضعَ متفرِّقةٍ، إلَّا أن يكونَ لمداواة ونحوِها، وهي كراهةُ تنزيهٍ، وقال بعض أصحاب مالكٍ: لا بأس به في القُصَّة والقفا للغلام، قال العلماء: والحكمةُ في النَّهي عنه: أنَّه تشويه للخَلْق، وقيل: لأنَّه زِيُّ أهل الشَّرِّ والشَّطارة، وقيل: لأنَّه زِيُّ اليهود، وقد جاء هذا في رواية لأبي داود)، انتهى مُلَخَّصًا، وقال شيخنا هنا: (حقيقة القزع: حلقُ بعض الرأس مُطلَقًا، وقيل: إنَّه حلقُ بعض مواضعَ متفرِّقةٍ منه)، قال: (وهو قول الغزاليِّ)، انتهى.


[1] كذا في (أ) تبعًا لـ«مطالع الأنوار» ░5/351▒، وفي «مشارق الأنوار» ░2/422▒ وغيره: (رقاق).