التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب الثوب الأحمر

          قوله: (بَابُ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ): أخرج في هذا الباب حديثَ البَراء: (كان النَّبيُّ صلعم مربوعًا، وقد رأيتُه في حُلَّة حمراءَ ما رأيتُ شيئًا أحسنَ منه)، وهذا صريحٌ في أنَّ الإمام شيخَ الإسلامِ البُخاريَّ يرى جوازَ لُبس الأحمر، والظاهر أنَّه البحتُ، وقد حكى الإجماعَ في / ذلك النَّوويُّ في «شرح المهذَّب»، وفي تبويب «رياض الصالحين» للنوويِّ أيضًا جوازُه، ولم يحكِ فيه إجماعًا.
          وقد ذكر شيخُنا في هذا المكان في «شرحه» بعد أن ذكر أحاديثَ في الأحمر ظاهرةً في النَّهْي، ذكر أنَّها غيرُ مستقيمةِ الإسنادِ، ثُمَّ قال: (قال الطبريُّ: وقد اختلف السَّلَفُ في ذلك؛ فمنهم مَن رخَّص في لُبس ألوان الثياب المصبغة بالحُمرة مشبَعةً كانت أو غيرَ مشبَعة، ومنهم مَن كره المشبَعة، ورخَّص فيما لم يكن مشبَعًا، ومنهم مَن كره لُبس جميع الثياب مشبَعِها وغيرِ مشبَعها، ومنهم مَن رخَّص فيه للمهنة، وكرهه للُّبس، ثُمَّ شرع يذكر مدركَ كلِّ قولٍ)، انتهى.
          وقال أبو عبد الله الإمامُ الحافظ ابنُ قَيِّم الجَوزيَّة ما لفظه: (ولبسَ صلعم حُلَّةً حمراءَ، والحُلَّةُ: إزارٌ ورداءٌ، ولا تكون الحُلَّة إلَّا اسمًا للثوبَين معًا، وغَلِطَ مَن ظنَّ أنَّها كانت حمراءَ بَحْتًا لا يخالطها غيرُها، وإنَّما الحُلَّة الحمراء بُردان يمانيان منسوجان بخطوطٍ حُمْرٍ مع الأسود؛ كسائر البُرود اليمنيَّة، وهي معروفةٌ بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحُمْر، وإلَّا؛ فالأحمر البحت منهيٌّ عنه أشدَّ النَّهْي)، ثُمَّ شرع يذكر الأحاديثَ الدالَّةَ على ذلك، ثُمَّ قال: (وفي جواز لُبس الأحمر من الثياب والجوخِ وغيرِها نظرٌ، وأمَّا كراهته؛ فشديدةٌ جدًّا، فكيف يُظَنُّ بالنَّبيِّ صلعم أنَّه لبس الأحمر القانئَ؟! كلَّا؛ لقد أعاذه الله منه، وإنَّما وقعت الشبهة من لفظ «الحُلَّة الحمراء»، والله أعلم)، انتهى، وقال في (العيدين) من «الهدي»: (والذي يقوم عليه الدليل تحريمُ لباس الأحمر، أو كراهته كراهةً شديدةً)، انتهى، وما قاله هذا الإمامُ؛ لم أرَه لغيره إلَّا ما في كلام شيخِنا الذي قدَّمتُه الذي نقله عن الطبريِّ، والله أعلم.