التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب خواتيم الذهب

          قوله: (بَابُ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ): قال أبو الفتح اليعمريُّ شيخُ شيوخِنا: (وقد اختلفتِ الرِّوايات في صفة الخاتم _يعني: خاتمَ النَّبيِّ صلعم_ قال: فيحتمل أن تكون خواتمَ متعدِّدةً، وقد كان له ◙ خاتمٌ من فضَّة، وخاتمٌ من ذهب لبسه ثُمَّ طرحه، وخاتم حديد ملويٌّ بفضَّة، نقشُه: «مُحَمَّد رسولُ الله»)، انتهى، وفي «مسلم»: (كان خاتم النَّبيِّ صلعم من فضَّة، وكان فَصُّه حبشيًّا)، وفي «صحيح البُخاريِّ» عن أنس أيضًا: (فَصُّه منه)، كما سيجيء قريبًا [خ¦5870]، (قال ابن عَبْدِ البَرِّ: «هذا أصحُّ»، وقال غيره: «كلاهما صحيحٌ، وكان له ◙ خاتمٌ فَصُّه منه، وفي وقتٍ خاتمٌ فصُّه حبشيٌّ»، وفي حديثٍ آخَرَ: «فَصُّه مِن عقيق»)، قاله النَّوَويُّ.
          فالحاصلُ إذن من الخواتيم: خاتم ذَهَبٍ قبل النَّهْي، ثُمَّ طرحه، ثُمَّ خاتم فضَّة فَصُّه منه، وآخر فصُّه حبشيٌّ، والحبشيُّ: قيل: العقيق، وقيل: الجزْع؛ لأنَّ معدِنَهما الحبشةُ، وقيل: أسودُ، وآخرُ فَصُّه من عقيق، وآخَرُ من حديد ملويٌّ عليه فضَّة، فهذه خمسة خواتمَ، ويمكن ردُّها إلى أربعةٍ.
          فائدةٌ: كان اتِّخاذ الخاتم الذي تُختَم به الكتب في السنة السادسة، قاله بعض الحُفَّاظ، وهذا ظاهِرٌ؛ لأنَّه حينئذٍ كتب إلى الملوك، وعمل ابن سَيِّد النَّاسِ في «سيرته»: (أنَّ الكتابة واتِّخاذ الخاتم في السابعة)، ذكر ذلك في (الحوادث)، وقد قَدَّمْتُ كلام مَن قال: إنَّ الكتابة في السابعة في أوَّل هذا التعليق وبعده [خ¦7، 64].
          فائدةٌ: ذكر القاضي أبو بكر ابن العربيِّ في «الأحوذيِّ» لمَّا ذكر الخاتم؛ قال: (وكان قبلُ إذا كتب كتابًا؛ ختمَه بظفره).
          فائدةٌ ثانيةٌ: الخاتم الحديد معروفٌ، وكذا الحديث الضعيف فيه وفي النحاس، ونقل شيخُنا عن التيفاشي في «نزهة الألباب» قال: (خاتم الفولاذ مطردةٌ للشَّيطان، لا سيَّما إذا لُوِّيَ عليه فضَّةٌ بيضاءُ، فكأنَّه أراد تعليم أمَّته بهذا)، انتهى.
          قوله: (بَابُ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ): هو جمع (خاتم)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في (الخاتم) لغاتٌ: فتح التاء، وكسرها، والخيتام، والخاتام، والجمع: الخواتيم [خ¦65].