التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين

          قوله: (بَابٌ: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ...) إلى آخر الترجمة: ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ في الباب بلا إسناد، ثُمَّ قال: (الأحاديث مطابِقَة إلَّا حديث أبي موسى) يعني: الحديث الذي فيه هجرتُه مع جعفر بن أبي طالب وأصحاب السفينَتَين، وقوله: (وَمَا قَسَمَ لِأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ شَيْئًا إِلَّا أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ...)؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: (فإنَّ ظاهره أنَّه صلعم قسم لهم من أصل الغنيمة مع الغانمين وإن كانوا غائبين؛ تخصيصًا لهم، لا من الخمس؛ إذ لو كان منه؛ لم تظهر الخصوصيَّة؛ لأنَّ الخمس لعامَّة المسلمين، والحديث ناطقٌ بها، والله أعلم)، انتهى.
          وهذا القَسم محمول على أنَّه برضا الغانمين، وفي «الصحيح» ما يؤيِّده، وفي رواية للبيهقيِّ التصريحُ بأنَّ النَّبيَّ صلعم كلَّم المسلمين، فأشركوهم في سِهامهم، قاله النَّوويُّ في «شرح مسلم» في (مناقب جعفر).
          وقوله في الحديث: (وَمَا قَسَمَ لِأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ شَيْئًا...)؛ الحديث [خ¦3136]؛ فاعلم أنَّ جابر ابن عبد الله لم يشهد فتح خيبر، [ولكن شهد الحديبية]، وجميعُ من شهد الحديبية شهد خيبر(1) معه صلعم إلَّا جابرًا، فقسم له رسولُ الله صلعم كَسَهْمِ مَن حضرها، وذلك أنَّها كانت طُعمةً من الله تعالى لأهل الحديبية مَن شهد منهم ومَن غاب، وشخصًا آخر لا أعرف اسمه، فيحتمل أنَّه تُوُفِّيَ قبل شهود خيبر _فيما يحتمل_ فأعطى رسولُ الله صلعم زوجتَه سهمَه، كذا في «سنن أبي داود» من حديث عقبة بن عامر، ولفظه: (أنَّ النَّبيَّ صلعم قال لرجل: «أترضى أن أزوِّجك فلانة؟» قال: نعم، [وقال للمرأة: «أترضين أن أزوِّجك فلانًا؟» قالت: نعم](2)، فزوَّج أحدَهما صاحبَه، فدخل بها، ولم يفرض لها صَداقًا، ولم يعطها شيئًا، وكان ممَّن شهد الحديبية، وكان مَن يشهد الحديبية لهم سهم بخيبر، فلمَّا حضرته الوفاة؛ قال: إنَّ رسول الله صلعم زوَّجني فلانة، ولم أفرض لها صَداقًا، ولم أعطها شيئًا، فإنِّي أُشْهِدكم أنِّي قد أعطيتها صَداقها سهمي بخيبر، فأخذَتْ سهمًا، فباعته بمئة ألفٍ)، ذكره أبو داود في (النكاح)، والذي يظهر أنَّ هذا كان بعد فتح خيبر، والله أعلم، وإذا كان كذلك؛ فلَمْ يقسم النَّبيُّ صلعم لأحد غاب عن خيبر إلَّا لجابر، والله أعلم.
          والمتحصِّل: أنَّ اثنين شهدا الحديبية ولم يشهدا خيبر؛ وهما جابر، وهذا الرجل الآخر المذكور في «سنن أبي داود»، _ولا أعرف اسمه_ فيما يحتمل، والظاهر وفاته بعد القسمة.


[1] في (ب): (الخيبر).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).