التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أهدى إلي النبي حلة سيراء فلبستها

          2614- قوله: (أَهْدَى إليَّ النَّبيُّ صلعم حُلَّةَ سِيَرَاءَ): (أَهدى): بفتح الهمزة، و(إليَّ): جار ومجرور، و(النَّبيُّ): مَرْفوعٌ فاعل، و(حُلَّةَ): بالنَّصب(1) مفعول، وقد تَقَدَّم (الحُلَّة) ما هي، وكذا (السِّيراء)، وأنَّه يقال: (حُلَّة سِيراء)؛ بالإضافة والصِّفة [خ¦886]، والله أعلم.
          قوله: (فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي): اعلم أنَّ عليًّا ☺ لم يكن له في حياته ◙(2) امرأةٌ إلَّا فاطمة، وكذا في حياتها، والظَّاهر _والله أعلم_ أراد بنسائه: الفواطمَ، كما في «صحيح مسلم»، ولفظ الحديث: (عن أبي صالح الحنفيِّ عن عليٍّ ☺: أنَّ أُكَيْدر دومة أَهدى إلى النَّبيِّ صلعم ثوبَ حريرٍ، فأعطاه عليًّا، فقال: «شقِّقْه خُمُرًا بين الفواطم»، وقال أبو بكر وأبو كُرَيب: «بين النِّسوة») انتهى، وحديث الحُلَّة السِّيراء وتشقيقها بين نسائه بعد هذا في «مسلم».
          والفواطمُ: بنتُ رسول الله صلعم، وفاطمةُ بنت أسد أمُّ عليٍّ، أسلمت وصحبت ♦، وفاطمةُ بنت حمزة بن عبد المطَّلب، وذكر عبد الغنيِّ بن سعيد وأبو عُمر بن عبد البَرِّ بإسنادهما: أنَّ عليًّا قسَّمه بين الفواطم الأربعِ، فذكرا الثَّلاثَ المذكورات، قال القاضي عياض: (يشبه أنْ تكون الرَّابعة فاطمةَ بنتَ شيبة بنِ ربيعة امرأةَ عَقِيل بن أبي طالب؛ لاختصاصها بعليٍّ بالمصاهرة، وهي مِن المبايعات، شهدت معه ╕ حُنَينًا، ولها قصَّة مشهورة في الغنائم تدلُّ على(3) ورعها)، انتهى، وأُنكِر أنْ تكون فاطمةُ بنت شيبة زوجَ عَقِيل، إنَّمَا زوجه فاطمةُ بنت عتبة بن ربيعة، كذا قال ابن أبي مليكة، وذكر الأولى الذَّهبيُّ، وقال: (زوج عَقِيل فيما قيل، ولا يصحُّ)، والله أعلم.
          ثمَّ وقفت على كلام شيخنا، فقال: («فشققتها بين نسائي»؛ المراد: نساء قومه؛ لأنَّه لم يتزوَّج في حياة النَّبيِّ صلعم غير فاطمة)، وما ذكرته أنا أسلمُ من الاعتراض، بل ولا في حياتها حتَّى ماتت، قال: (وفي «مبهمات عبد الغنيِّ» من حديث أمِّ هانئ: فَرَاحَ عليٌّ وهي عليه، فقال ╕: «إنَّما كسوتكها؛ لتجعلها خُمرًا بين الفواطم»، وذكر ابن أبي الدُّنيا في كتاب «الهدايا»: عن عليٍّ ☺ قال: «فشققت أربعةَ خُمر لفاطمة بنت أسد، ولفاطمة زوجتي، ولفاطمة بنت حمزة بن عبد المطَّلب»، قال: ونسي الرَّاوي الرَّابعة، قال القاضي عياض: يشبه أنْ تكون فاطمة بنت شيبة بن ربيعة امرأة عَقِيل أخي عليٍّ، وعند أبي العلاء بن سليمان: فاطمة بنت أبي طالب المكناة بأمِّ هانئ، وقيل: فاطمة بنت الوليد بن عقبة، وقيل: فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، حكاهما القرطبيُّ، وهذا الثَّوب كان أهداه له أُكيدر دومةَ)، انتهى.


[1] في (ب): (مَنْصوبٌ).
[2] في (ب): (صلعم).
[3] زيد في (ب): (فضلها و).