التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب هبة الواحد للجماعة

          قوله: (وَقَالَتْ أَسْمَاءُ): تَقَدَّم أنَّ (أسماء): هي بنت أبي بكر الصِّدِّيق، صحابيَّةٌ جليلةٌ، تَقَدَّم بعض ترجمتها، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد ابنها عبدِ الله بِيَسِيرٍ [خ¦86]، وقد قدَّمتُ مَن قَتَلَ ابنها قريبًا وبعيدًا [خ¦560].
          قوله: (لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّد): هو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيقِ(1) عبدِ اللهِ بنِ عثمان، وهو ابنُ أخي أسماء، يروي عن عمَّتِه عائشةَ، وأبي هريرة، وفاطمةَ بنتِ قيس، وعدَّةٍ، وعنه: الزُّهريُّ، وأبو الزِّناد، وعدَّةٌ، وله نحوُ مئتي حديثٍ، مات سنة ░107هـ▒، أخرج له الجماعة، وهو أحد الفقهاءِ السَّبعة؛ فقهاءِ المدينة، قال ابنُ سعد: (كان ثقةً، رفيعًا، عالمًا، فقيهًا، إمامًا، وَرِعًا، كثيرَ الحديث)، مناقبه كثيرة ☼ تعالى.
          قوله: (وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ): كذا بالواو في أصلنا الذي سمعت منه على العراقيِّ، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وكذا في نسخةٍ أخرى عتيقةٍ جدًّا، قال شيخُنا الشَّارح: (نقل ابن التِّين عن الشيخ أبي الحسن: أنَّ في كتابه إسقاطَ الواو من: «وابن»، و«أبو عتيق»: هو عبد الرَّحمن بن أبي [بكر] عتيق، واسم ابنه: عبد الله، قال: وأظنُّ الواوَ سَقْطٌ مِن كتابي، وعند أبي ذرٍّ بإثباتها، وقال الدَّاوديُّ: «القاسمُ»: ابنُ أخي عائشة، و«ابنُ أبي عتيق»: ابنُ أخيها، فوَصَلَتْهما بما أُعْطِيَتْ فيه مئةَ ألف، وكانت مِن أجود النَّاس، كما أنَّ رسولَ الله صلعم أجودُهم، وهي ضلعٌ منه)، وقد تعقَّبه شيخُنا فقال: (وظاهر إيرادِه: أنَّ المُتصدِّقةَ عائشةُ، وهو خلافُ ما في «البخاريِّ» أنَّها أسماء)، انتهى، ولا شكَّ في أنَّه كلامٌ مُتعقَّبٌ.
          وقال ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب»: (أبو عتيق: مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر بن أبي قُحافة، رأى النَّبيَّ صلعم هو وأبوه عبدُ الرَّحمن وجدُّه أبو بكر وجدُّ أبيه أبو قُحافة، ولا نعلم أربعةً رأوا النَّبيَّ صلعم على هذه الصِّفة غيرَهم، وهو والد عبد الله بن أبي عتيق الذي غلبت عليه الدُّعابة، ورواية ابن أبي عتيق هذا أكثرُها عن عائشةَ)، انتهى، وكذا قال الذَّهبيُّ في «تجريده» في (الكنى): (أبو عتيق: مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، له رؤية، وهو والد عبدِ الله صاحبِ المزاح) انتهى، وقال أيضًا في «تجريده» في (الأسماء): (مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، ويُعرَف بعتيقٍ، أدرك النَّبيَّ صلعم، قاله موسى بن عقبة) انتهى، حَمَّر عليه(2)؛ فانظر الكلام الذي تَقَدَّم مع كلامِ هذين.
          وأمَّا قولُ أبي عُمر والذَّهبيِّ: (إنَّ صاحب المزاح عبدُ الله)؛ فرأيت بخطِّ ابن الأمين أبي إسحاق حاشيةً لفظها: (قال ابنُ الكلبيِّ: الذي غلبت عليه الدُّعابة هو مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، قال: وهو الذي يقال له: أبو عتيق) انتهت.
          وعبد الله بن أبي عتيق _واسمُه مُحَمَّد_ ابن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، روى عن عائشة في «البخاريِّ»، و«مسلم»، و«أبي داود»، و«النَّسائيِّ»، و«ابن ماجه»، وعبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق روى عن عمَّته عائشةَ، وهو أخو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر، ومَن قال: إنَّه ابن أبي عتيق؛ فقد أخطأ، قاله المِزِّيُّ، له في «البخاريِّ»، و«مسلم»، و«النَّسائيِّ»، و«أبي داود».
          وأمَّا كونهم أربعةً رأَوه ╕؛ فلمُحَمَّد بن عبد الرَّحمن رؤيةٌ، ولكن سأذكر أربعةً صحِبوا النَّبيَّ صلعم مِن غير هذه الطَّريق، وأحسنُ ممَّا قاله ابن عبد البَرِّ: عبدُ الله بن الزُّبير ابن أسماء بنت أبي بكر بن أبي قُحافة، هذا لا خلافَ في(3) صحبته، وسأذكره مع غيره فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
          قوله: (بِالْغَابَةِ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّها مالٌ من أموال عوالي(4) المدينة، وقد تَقَدَّم الرَّدُّ على مَن صحَّف فيها، وكذا مَن غلط في تفسيرها، فيما مضى [خ¦377].


[1] زيد في (ب): (☺).
[2] في (ب): (وعليه حمر).
[3] (في): سقط من (أ).
[4] (عوالي): سقط من (ب).