شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

استعمال «في» بمعنى باء المصاحبة

          ░65▒
          ومنها قولُ أنس ☺: (كان النبيُّ صلعم يُصَلِّي في نَعْلَيْه). [خ¦386]
          وقولُ الرَّاوي: (وكان شُريحٌ يأمرُ الغريمَ(1) أن يُحْبَسَ(2) إلى سارية المسجد). [خ¦8/76-764]
          وقولُ الآخَرِ: «وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ». [خ¦2213]
          وفي حديثِ جُرَيْجٍ: «نَبْني صَوْمَعَتَكَ من ذَهَبٍ. قال: لا، إِلَّا من طِينٍ». [خ¦2482]
          وقولُ/ أَنَسٍ ☺: (مَرَّ النبيُّ صلعم بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ). [خ¦2055]
          وقولُ عُمَرَ ☺: (لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَهم(3) مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ التي فيها الصُّوَرُ). [خ¦8/54-716]
           وفي بعضِ النُّسَخِ: (والصُّورِ).
          قلتُ: (في) _من قولِه: (في نَعْلَيه)_ بمعنى باء المصاحَبةِ، كقولِه تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ}[القصص:79]، وكقولِ الشاعر: /
كَحْلَاءُ في بَرَجٍ(4) صَفْراءُ في نَعَجٍ(5)                      كأنَّها فِضَّةٌ قد مَسَّها ذَهَبُ
          ويجوز في (يأمرُ الغريمَ أَنْ يُحْبَسَ) وجهان:
          أحدهما: أَنْ يكونَ الأصلُ: بالغريم، و(أن يُحبسَ) بدلَ اشتمالٍ، ثم حُذِفتِ الباءُ كما حُذِفت من(6) قولِ الشاعر:
أمرتُكَ الخيرَ فافْعَلْ مَا أُمِرْتَ به                     فقد تركتُك ذَا مَالٍ وذَا نَشَبِ(7) /
          والثاني(8) : أَنْ يُريدَ: كان يأمرُ الغريمَ أن يَنْحَبِسَ، فَجُعِلَ المُطاوَعُ مَوضِعَ(9) المُطاوِع؛ لاستلزامه إيَّاه.
          و(إلى) من قوله: (إلى سارية المسجد) بمعنى: (مع)، كقوله تعالى/: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}[النساء:2]، وكقول الشاعر:
فلم أَرَ عُذْراً بعد عشرينَ حَـجَّةً(10)                      مَضَتْ لي وعَشْرٍ قد مَضَيْنَ إلى عَشْرِ
          ومعنى «صُرِّفَتِ الطرقُ»؛ أي: خُلِّصَتْ وبُيِّنَتْ(11)؛ واشتقاقُه من (الصِّرْف)، وهو الخالِصُ من كُلِّ شيءٍ، فقيل منه: صُرِّفَ وتَصَرَّف، كما قيل من(12) (المَحْضِ): مُحِّضَ وتَمَحَّض.
          وفي قول جُرَيجٍ: «لا، إلَّا من طينٍ» شاهدٌ على حَذْفِ المجزوم بـ: (لا) التي للنهي؛ فإنَّ مرادَه: لا تبنوها إلَّا من طينٍ.
          و(مَسْقوطَةٌ) بمعنى: (مُسْقَطَةٍ)، ولا فِعْلَ له، ونَظيرُه (مَرْقُوقٌ) بمعنى: (مُرَقٍّ)؛ أي: مُسْتَرَقٍّ. عن ابن جِنِّي.
          ومثلُه أيضًا: رَجلٌ مَفؤُودٌ؛ أَي: جَبَانٌ، ولا فِعلَ له، إنَّما يُقال: (فُئِدَ)(13) / بمعنى مَرِضَ فؤادُه، لا بمعنى جَبُن.
          وكمَا جاء مفعولٌ ولا فِعلَ له، جاء (فُعِلَ) ولا مَفعُولَ له، كقراءة النَّخَعيِّ: ▬ثُمَّ عُمُواْ وَصُمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ↨، ولم يَجئْ: مَعْمِيٌّ، ولا مَصْمُومٌ؛ استغناءً/ بأَعْمَى وأَصَمَّ.
          ويَجوزُ في قولِه: (مِن أَجْلِ التَّمَاثيلِ التي فيها الصُّوَرُ) الجرُّ على البَدَل، والنَّصبُ بإضمارِ (أَعْنِي)، والرَّفعُ بإضمار مبتدأٍ.
          ويَجوز جَعلُ المجرورِ معطوفًا بواوٍ مَحذوفةٍ، كمَا حُذِفت (أو) في قولِ عُمَرَ ☺: (صَلَّى رَجلٌ في إِزارٍ ورِدَاءٍ، في إِزارٍ وقَميصٍ، في إِزَارٍ وقَبَاءٍ). [خ¦365]
          ولا إشكالَ في رواية مَنْ أثبتَ الواوَ قَبلَ (الصُّوَر). /


[1] في (ظ): (في نسخةٍ: بالغريم)، ولا إشكالَ معها.
[2] تصحَّفت في (ظ) إلى: (يجلس) في المواضع كلِّها.
[3] هكذا في رواية الأصيليِّ، والذي في متن اليونينية: (كنائسكم)، وهو المثبَت في متن (ظ) وأشار بهامشها إلى ورود (كنائسهم) في نسخةٍ.
[4] بهامش الأصل بخطٍّ متأخِّر: (البَرَج: توسُّطُ سَوَاد العين بحيث يُرَى البياضُ من حَولِه. والنَّعَج: البياض الخالص) ا هـ، وتفسير النَّعَج بهامش (ج) أيضًا.
[5] في (ظ): (لَعَج)، وبهامشها حاشية: (اللَّعَج هو البَيَاض) ا هـ.
[6] في (ب) و(ج): (في).
[7] في (ظ): (حَسَبِ) وأشار بهامشها إلى ورود المثبَت في نسخةٍ، وعجز البيت ليس في (ب) و(ج)، وعدم إيراده موافقٌ لما في النسخة القادرية.
[8] في (ج): (الثاني).
[9] في النسخة القادرية: (في موضعِ).
[10] بهامش الأصل بخطٍّ متأخِّر: (حَجَّة بفتح الحاء، ولم يُسمَع كسرُها...) ا ه.
[11] في (ب): (وثَبَتت)، وبهامش (ظ): (في نسخة: تَبَيَّنَت).
[12] بهامش (ج) و(ظ): (في نسخة: في).
[13] تصحَّفت في (ج) إلى: (فيه).