شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

حذف المعطوف لتبين معناه

          ░40▒
          ومنها قولُ النَّبيِّ صلعم: «اجْتَنِبُوا الْمُوبِقَاتِ: الشِّرْكَ بِاللَّهِ وَالسِّحْرَ». [خ¦5764]
          وقولُ عليٍّ ☺: «كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلعم يَقُولُ: كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ». [خ¦3677]
          وقولُ عمرَ ☺: «كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ». [خ¦2468]
          وقولُ رسولِ الله صلعم: «اسكن، فما عليك إلَّا نَبِيٌّ، أو صِدِّيقٌ، أو شهيدٌ».
          وقولُ ابنِ عبَّاس ☻: «كُلْ ما شئتَ، واشْرَبْ ما شئتَ، مَا أخطاكَ ثنتان: سَرَفٌ أَوْ مَخِيلةٌ».
          قال/: تضمَّن الحديثُ الأولُ حذفَ المعطوفِ للعلمِ بهِ؛ فإنَّ التقديرَ: اجتنبوا الموبقاتِ: الشركَ باللهِ والسِّحْرَ وأخواتهما، وجاز الحذفُ؛ لأنَّ الموبقاتِ سَبْعٌ بُـــيِّـــنَتْ في حديثٍ آخَرَ، واقتصر في هذا الحديث على ثنتين / تنبيهاً على أنَّهما أَحَقُّ بالاجتناب، ويجوز رفعُ (الشرك)، و(السِّحر) على تقدير: منهن الشركُ باللهِ والسِّحْرُ.
          ومن حذف المعطوف لتبيُّنِ معناه قولُه تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة:184]؛ أي: فأفطر فَعِدَّةٌ من أيامٍ أُخَرَ.
          ومنه قوله تعالى: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة:95]، أي: ومن قتله منكم متعمداً أو غيرَ متعمدٍ.
          ومنه قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} [النحل:81]؛ أي: تقيكم الحرَّ والبردَ.
          ومنه قول الشاعر:/
كأنَّ الحصى مِنْ خَلْفِها وأمامِها                     إذا نَجَلَتْهُ رِجْلُها خَذْفُ أَعْسَرَا
          أي: إذا نجلته رِجلُها ويدُها.
          وتضمَّن الحديثُ الثاني والثالثُ صحةَ العطفِ على ضميرِ الرَّفعِ المتصلِ غيرَ مفصولٍ بتوكيدٍ أو غيرِه، وهو ممَّا لا يُجِيْزُهُ النحويون في النَّثر إلَّا على ضَعْفٍ، ويزعمون(1) أنَّ بَابَهُ الشِّعرُ.
          والصحيحُ جوازُه نثراً ونظماً. /
          فمنَ النَّثرِ ما تقدَّمَ منْ قولِ عليٍّ وعمرَ ☻.
          ومنه قولُه تعالى: {لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا}[الأنعام:148]؛ فإنَّ واوَ العطفِ فيه متصلةٌ بضميرِ المتكلمينَ، ووجودُ (لا) بعدَها لا اعتدادَ به، لأنَّها بعدَ العاطفِ، ولأنَّها زائدةٌ، إذ المعنى تامٌّ بدونِها.
          وتضمَّن الرابعُ والخامسُ استعمالَ (أو) بمعنى الواو، فإنَّ معنى «فما عليكَ إلَّا نبيٌّ أو صِدّيقٌ أو شهيدٌ»: فما عليكَ إلَّا نَبيٌّ وصِدِّيقٌ وشهيدٌ(2).
          وكذا قولُ ابنِ/ عبَّاسٍ ☻: «ما أخطأكَ ثنتانِ: سَرَفٌ أو مَخِيْلَةٌ» معناه: ما أخطأكَ ثنتان: سَرَفٌ ومَخِيلَةٌ(3).
          ونظائرُهما عندَ أَمْنِ اللَّبْس(4) كثيرةٌ، فمنها(5) قولُ امرئِ القيسِ:
فظلَّ طُهاةُ اللَّحْم مِنْ بين مُنْضِجٍ                     صَفِيفَ شِواءٍ أو قَدِيرٍ مُعَجَّلِ
          ومنها قولُ الآخر:
فقالوا لنا: ثنتان لا بُدَّ منهما                     صُدُورُ رِمَاحٍ أُشْرِعَتْ أَوْ سَلاسِلُ /
          ومنها قول الآخر:
قومٌ إذا سمعوا الصريخَ رأيتَهم                     مِنْ بين مُلْجِمِ مُهْرِهِ(6) أَوْ سَافِعِ(7)
          وكما استُعمِلَتْ (أو) بمعنى الواو، استعمِلتْ الواوُ بمعنى (أو)، وعلى ذلك حَمَلَ عليُّ بْنُ الحسين(8) ☻ قولَه تعالى: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}[النساء:3]. /


[1] بهامش (ب): (في نسخة: ويَرَوْن).
[2] في (ج): (أو صديق أو شهيد) تحريف.
[3] قوله (سرف ومخيلة): ليس في (ج).
[4] في (ج): (عند أمراء الكيس) تصحيف.
[5] في (ب): (منها).
[6] في الأصل و(ج): (مُهْرَةٍ).
[7] بهامش (ج) وهامش متأخر في الأصل: أي قابض على ناصية الفرس، ومنه: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ}. ا ه.
[8] في (ج): (حمل ابن الحسين).