شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

توجيه الحديث: قوموا فلأصل لكم

          ░63▒
          ومنها قولُ النبيِّ صلعم: «قُوموا فَلِأُصَلِّ لكم» [خ¦380]، بحذفِ الياءِ وثُبُوتِها(1) مفتوحةً وساكنةً.
          وقولُ عائشةَ ♦: (صلَّى رسولُ اللهِ(2) صلعم وَهُو شَاكِي). [خ¦688]
          قلتُ: اللامُ عندَ ثبوت الياء مفتوحةً لامُ (كَيْ)، والفعلُ بعدَها مَنصوبٌ بـ: (أَنْ) مُضمَرةٍ، و(أَنْ) والفعل في تأويل مَصدَرٍ/ مَجرورٍ، واللامُ ومَصحوبُها خَبرُ مبتدأٍ مَحذوفٍ، والتقديرُ: قُومُوا، فقِيَامُكم لِأُصُلِّيَ لكم.
          ويَجوزُ على مَذهب الأَخْفَش أَنْ تكونَ الفاءُ زائدةً، واللامُ مُتَعَلِّقةً بـ: (قُومُوا).
          واللامُ عندَ حَذف الياءِ لامُ أَمرٍ، ويَجوزُ(3) فَتحُها على لغة سُلَيمٍ، وتَسكينُها بعدَ الواو والفاء(4)، و(ثُمَّ) على لُغة قُرَيشٍ، وحَذفُ الياءِ عَلامةٌ للجَزم. /
          وأَمرُ المتكلِّم نفسَه بفعلٍ مَقرونٍ باللام فصيحٌ قليلٌ في الاستعمال، ومنه قولُه تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ}[العنكبوت:12].
          وأمَّا في رواية مَنْ أثبتَ الياءَ ساكنةً؛ فيحتملُ أَنْ تَكونَ(5) اللامُ لامَ (كَيْ) وسُكِّنِت الياءُ تَخفيفًا، وهي لغةٌ مَشْهُورةٌ؛ أَعني تَسكينَ الياءِ المفتوحةِ، ومِنه قِراءةُ الحسنِ: ▬وَذَرُواْ مَا بَقِيْ مِنَ الرِّبَا↨، وقِراءةُ الأَعْمَشِ: ▬فَنَسِيْ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا↨.
           [ومِنهُ ما رُويَ عن أبي عَمرٍو مِن إِجازة ▬ثَانِيْ اثْنَيْنِ↨ بالسُّكونِ، ذَكَرهُ ابنُ جِنِّي في (المحتَسِب).
          ومِن الشَّوَاهدِ الشِّعريةِ قولُ الأَعْشَى:
إذا كَانَ هادِي(6) الفَتَىَ في البِلَا                     دِ صَدْرُ القَنَاةِ أَطَاعَ الأَمِيرَا ]
(7)
          ويحتملُ أَن تَكونَ اللامُ لامَ الأَمرِ، وثَبتَت الياءُ في الجَزْمِ إِجراءً للمُعْتَلِّ / مُجرى/ الصحيح، كقِراءة قُنْبُلٍ: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِي وَيِصْبِرْ}[يوسف:90]، وقد تقدَّم الكلامُ على(8) ذلك.
          وقولُ أُمِّ المؤمنين ♦: (وهو شاكي) بثبوت الياء في الوقف وجهٌ صحيحٌ، قَرأَ به ابنُ كَثِيرٍ في {هَادِي} [الرعد:7]، {وَالِي}[الرعد:11]، {وَاقِي} [الرعد:34]، {بَاقِي} [النحل:96].
          والوقفُ بحَذْفِ الياءِ أَقْيسُ وأَكثرُ في كلام العَرَب، ولا يَجوزُ في الوَصلِ إلَّا الحذفُ.
          ومَنْ أَثبتَها في الوقف فله أَنْ يُثْبِتَها في الخَطِّ مُراعيًا لحالِ الوَقْف، كَمَا رُوعِيَت في (أَنَا)، و {لَّكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي}[الكهف:38].
          وله أَنْ يَحذِفَها مُراعيًا للوَصلِ، وهو الأَجْوَدُ. /


[1] في (ب): (وبثبوتها)، بتكرار العامل.
[2] تصحَّفت العبارة في (ج) إلى: (وقول عائشةَ ♦ لِرسولِ الله).
[3] في الأصل: (فيجوز)، والمثبَت من سائر الأصول موافقٌ لما في النسخة القادرية.
[4] في (ج) و(ظ): (بعدَ الفاء والواو).
[5] في (ج): (يكون) بالياء.
[6] تصحَّفت في (ج) إلى: (هذا)، وتصحَّفت (الفَتَى) في (ظ) إلى: (الغِنَى).
[7] ما بين المعقَّفتين ليس في الأصل، وهو مستدرَكٌ بهامشها بخطٍّ متأخِّر.
[8] في (ظ): (في)، وانظر كلام المؤلِّف المشار إليه في المبحث ░3▒.