شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

توجيه الحديث: ولكن خُوَّة الإسلام

          ░26▒
          ومنها قولُ رسول اللهِ صلعم _على رواية الأَصيليِّ_ : «ولكنْ خُوَّةُ الإسلام». [خ¦466]
          قال: الأصل «ولكنْ أُخُوةُ الإسلام»، فُنقلتْ حركةُ الهمزة إلى النون، وحُذِفتِ الهمزة على القاعدة المشهورة، فصار «ولكِنُ خُوَّةُ الإسلام» فعَرَضَ بعد ذلك استثقالُ ضَمَّةٍ بين كسرة وضمةٍ، فَسُكِّنَ النونُ تخفيفاً، فصار «ولكنْ خُوَّةُ الإسلام».
          وسكونُ النون بعد هذا العمل غيرُ سكونِه/ الأصليِّ.
          ونَبَّهتُ بقولي (على القاعدة المشهورة) على أنَّ مِن العربِ مَنْ يُبدلُ الهمزة بعد النقل بمُجانِسِ حركتها. فيقول في هؤلاءِ نَشْؤُ صدْقٍ، ورأيتُ نَشْؤَ صِدْقٍ، ومررت بِنَشْئِ صِدْق: هؤلاء نَشُوْ صِدْقٍ، ورأيتُ نَشَا صدْقٍ، ومررتُ بنشِيْ صدقٍ.
          ومنه قول الشاعر:
إذا اجتمعوا عليَّ و أَشْقَذُوْني(1)                      فصرتُ كأنَّنِي فَرْأٌ مُتَارُ /
          أي: مُتْأَر. وهو المنظور إليه نظراً متتابعاً.
          وشبيه بــ: «ولكنْ خُوَّةُ الإسلام» في تخفيفه مرَّتين وحذف همزته لفظاً وخطًّا قولُه تعالى: {لَّكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي} [الكهف:38] فإنَّ أصلَه: لكِنْ أَنا(2)، فنُقلتْ حركةُ الهمزة وحُذِفت، فصار: لَكِنَنَا، فاسْتُثْقِلَ توالي النونين متحركتين، فسُكِّنَ أُولُهما وأُدغم في الثاني.
          ومثله قولُ الشَّاعرِ:
وترمينني بالطَّرفِ أَيْ أنتَ مُذْنبٌ                     وتقلينني لكنَّ إيَّاكِ لَا أَقْلِي/
          أراد: لكنْ أنا إيَّاكِ لا أقلي، ثم عُمل به ما ذكرته.
          والحاصل أنَّ للناطق بـ: «ولكن أُخُوَّة الإسلام» ثلاثة أوجه:
          سكونُ النون وثبوتُ الهمزة بعدها مضمومة.
          وضمُّ النون وحذفُ الهمزة.
          وسكونُ النون وحذفُ الهمزة.
          فالأول أصلٌ، والثاني فَرْعٌ، والثالث فَرْعُ فَرْعٍ . /


[1] حاشية بهامش الأصل و(ج): أَشْقَذُوْني: طردوني، والفرا الحمار الوحشي. ا هـ، زاد في هامش الأصل: ومُتَأر منظورٌ إليه بمتابعة النظر، وأصله مُتْأَرٌ، من أتْأرَه إذا أتبعه النظر. ا هـ.
[2] زاد في (ب): (هو الله ربي).