غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

سمرة بن جندب بن هلال

          521 # سَمُرَةُ بنُ جُنْدب بن هِلال _بفتح المهملة وضمِّ الميم وفتح الرَّاء. قال الغسَّاني: ومنهم من يسكِّن الميم تخفيفاً، كعَضْد في عَضُد، وهي لغة الحجاز، وبنو تميم يضمُّونها. وبضمِّ الجيم وسكون النُّون وفتح الدَّال وضمِّها آخرها موحَّدة_ أبو سعيد، وأبو عبد الرَّحمن، وأبو عبد الله، وأبو سليمان. سكن البصرة، قدمت به أمُّه المدينة بعد موت أبيه، فتزوَّجها رجل من الأنصار اسمه مُرَيُّ بن سِنَان، وكان في حجره إلى أن صار غلاماً، وهو صحابيٌّ كبير.
          روى مئة وثلاثة وعشرين حديثاً، للبخاريِّ منها أربعة أحاديث، وكان رسول الله صلعم يعرض غلمان الأنصار كلَّ سنة، فمرَّ به غلام، فأجازه في البعث، وعرض عليه سمرة بن جندب بعده فرده، فقال سمرة: لقد أجزت هذا ورددتني، ولو صارعني لصرعته. قال: «فدونكه»، فصارعه [فصرعه] سمرة، فأجازه في البعث، قيل: أجازه يوم أُحُد. قال الواقديُّ: سمرة حليف الأنصار.
          قال سمرة: كنت على عهد رسول الله صلعم غلاماً، فكنت أحفظ عنه، وما يمنعني من القول إلَّا أَّن هاهنا رجالاً هم أسنُّ منِّي، ولقد صلَّيت مع رسول الله صلعم على امرأة ماتت في نفاسها، فقام عليها في الصَّلاة وسطها(1) ، وغزا مع رسول الله صلعم غزوات، وسكن البصرة، وكان زياد يستخلفه عليها إذا سار إلى الكوفة، ويستخلفه على الكوفة إذا سار(2) إلى البصرة، فكان يكون في كلِّ واحد منهما ستَّة أشهر، وكان شديداً على الخوارج، وكان إذا أُتى بواحد منهم قتله، ويقول: شرُّ النَّاس(3) تحت أديم السَّماء، يكفِّرون المسلمين، ويسفكون الدِّماء. فالحروريَّة ومن قاربهم في مذهبهم يطعنون عليه، وينالون منه.
          وكان ابن سيرين والحسن وفضلاء أهل البصرة يثنون عليه. قال الحسن عن سمرة قال: سكتتان حفظتهما من رسول الله صلعم، فأنكر ذلك عِمْرانُ بنُ الحُصَيْن، وقال: حفظنا سكتة، فكتبا إلى أُبَيِّ بن كعب بالمدينة، فكتب أُبيٌّ(4) كما حفظ سَمُرَةُ، فقيل لقتادة: ما هاتان السَّكتتان؟ قال: إذا دخل في صلاته، وإذا فرغ من القراءة. ثمَّ قال بعد ذلك: وإذا قال: ولا الضَّالين.
          سقط (بالبصرة) في قدرٍ مملوءٍ ماءً حاراً، كان يتعالج بالقعود عليها من كُزاز شديد أصابه، / فسقط فمات فيها. قاله ابن الأثير(5) ، وقال الرُّشاطيُّ: وكان ذلك تصديقاً لقول رسول الله، ولأبي هريرة، ولثالث معهما: «آخركم موتاً في النَّار».(6)
          قال الكلاباذيُّ(7) : روى عنه أبو رجاء العُطَارِدِيُّ، والحسن البصريُّ، وعبد الله بن بُريدة. نقل عنه البخاريُّ بالواسطة في مواضع، أوَّلها: في باب الصَّلاة على النُّفساء، من كتاب الحيض [خ¦332] . وسمرة، فَزَارِيٌّ، بفتح الفاء، وخفَّة الزَّاي.
          مات آخر سنة تسع وخمسين، ويقال: سنة ستِّين. وقال ابن سعد كاتب الواقديِّ: توفِّي بالكوفة في آخر خلافة معاوية.


[1] أخرجه البخاري برقم (332).
[2] في (ن): (صار).
[3] في غير (ن): (قتلى).
[4] في (ن) تصحيفاً: (إلي).
[5] أسد الغابة:2/554.
[6] أخرجه البخاري في التاريخ الصغير:1/106.
[7] الهداية والإرشاد:1/342.