غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

سفيان بن أبي زهير

          481 # سُفْيَانُ بنُ أبي زُهَيْر _بتثليث المهملة، وسكون الفاء، بعدها التَّحتية المثنَّاة، آخرها نون حيث وقع، وهو غير منصرف، هذا في الولد، وأمَّا الوالد، فبضمِّ الزَّاي، وفتح الهاء_ الشَّنَوِيُّ، الأَزْدِيُّ، من أزد شَنُوْءَةَ: بفتح المعجمة، وضمِّ النُّون المشبعة، بعدها الهمز(1) . واسم أبي زهير: القَرَدُ: بفتح القاف والرَّاء. قاله شَبَاب(2) العُصْفُرِيُّ، وقيل: سفيان بن نُمير بن مُرَارة النُّمَيْريُّ، أو النَّمَرِيُّ(3) الصَّحابيُّ.
          قال ابن الأثير(4) : ربَّما كان في / أجداده من اسمه نُمير، أو نمر، والنُّميري أكثر. قاله في أسد الغابة. قال أبو أحمد العسكري: إنَّه من النَّمر بن عثمان.
          روى عن رسول الله خمسة أحاديث، وهو معدود من أهل المدينة، وهو من أهل السَّرَاة، كما قاله أبو نصر(5) ، وكان يأتي المدينة كثيراً، فينزلها. قال الواقدي: ويلقب بابن أبي القَرِدِ. قال ابن الأثير: وبابن أبي العَوْجَاءِ. روى عن رسول الله صلعم أنَّه قال: «تُفتح الشَّام، فيخرج قوم [من المدينة] بأَهليهم يُبِسُّون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثمَّ تُفتح اليمن، فيخرج قوم من المدينة بأهليهم يُبِسُّون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثمَّ تُفتح العراق، فيخرج قوم من المدينة يُبِسُّون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»(6) .
          قال أبو نصر(7) : روى عنه عبد الله بن الزُّبير، والسَّائب بن يزيد. نقل عنه البخاريُّ بالواسطة، في جزاء الصَّيد [خ¦1875] ، والمزارعة [خ¦2323] ، وبدء الخلق [خ¦3325] .
          تكملة(8) : النُّمَيْرِيُّ: بضمِّ النُّون، وفتح الميم، نسبة إلى بني نُمير، وهو نُمير بن عامر بن صَعْصَعَةَ.
          والنَّمَرِيُّ: بفتح النُّون والميم، نسبة إلى نمر بن قاسِط.
          قال ابن السَّمْعَانيِّ(9) : من النَّمَريين منصورُ بنُ سَلَمَة الشَّاعر النَّمَرِيُّ، من أهل الجزيرة، قدم بغداد، ومدح هارون الرَّشيد، هو من ذرية شريك: مُطْعِمِ الكَبْشِ الرَّخَمَ، ومن ذريَّة عامر الضَّحْيَان(10) ، وإنَّما سُمِّي شَرِيْكٌ مُطْعِمَ الكبشِ الرَّخمَ، لأنَّه أطعم ناساً نزلوا به، ونحر لهم، ثم رفع رأسه، فإذا هو برَخَمٍ يحوم حول أضيافه(11) ، فأمر بأن يُذبح لهنَّ كبش وتطعم، ففعل ذلك، فنزلن(12) عليه، فتمزَّقنه، فسمِّي مطعم الكبش لذلك، وإنَّما سمِّي عامر بضَحْيَان، لأنَّه كان سيَّد قومه وحاكمهم، وكان يجلس لهم إذا أضحى النَّهار، فسمِّي الضَّحيان، وبذلك مدح أبو نعجة [النَّمريُّ](13) رجلاً منهم _من البحر المتقارب_:
أبوكَ(14) زعيمُ بني قاسِطٍ                     وخالُك ذو الكَبْشِ مُقْرِي الرَّخَمْ
          قال: وكان النَّمَرِيُّ تلميذَ كُلثوم بن عَمْرو العَتَّابي، وعنه أخذ، وهو الذي وصف النَّمَرِيَّ للفضل بن يحيى حتَّى استقدمه من الجزيرة، واستصحبه، ثمَّ أوصله بالرَّشيد، ثمَّ جرت بينه وبين العتَّابي وحشة شديدة؛ حتَّى تهاجيا وتناقضا، وسعى كلُّ واحد منهما في هلاك صاحبه، واشتدَّ غضب الرَّشيد على العتَّابي، وسببه أنَّه قال: استقبلت النَّمريَّ يوماً، فرأيته كئيباً، فقلت له: ما خبرك؟ قال: تركت امراتي تُطْلَقُ، وقد عَسُرَ عليها ولادتُها، / وهي يدي ورجلي، والقيِّمة بأمري. فقلت: لم لا تذكر على فَرْجِها هارون الرَّشيد؟ فقال: ليكون ماذا؟ قلت: لتلد على المكان. قال: وكيف؟ قلت: لقولك في مدحه(15) _من البحر البسيط_:
إنْ أَخْلَفَ الغَيْثُ لم تُخْلِفْ مَخَايِلُهُ                     أو ضاق أمرٌ ذكرناه فيتَّسِعُ
          فقال لي: يا كَشْحَانُ! والله لئن تخلَّصت امرأتي لأذكرنَّ قولك هذا للرَّشيد. فلمَّا ولدت خبَّر(16) الرَّشيد بما كان بيني وبينه، فغضب الرَّشيد، وأمر بطلبي(17) ، فاستترت عند الفضل بن الرَّبيع، فلم يزل يُزيل ما عند الرَّشيد حتَّى أَذِنَ لي في الظُّهور، فلمَّا دخلت عليه قال: قد بلغني ما قلتَه للنَّمريِّ. فاعتذرت إليه حتَّى قبل، ثمَّ قلت: والله ما حمله على الكذب إلَّا ميلُه إلى العَلَوِيَّة، وأنشدته أبياتاً من شعره في مديحهم، فغضب الرَّشيد من(18) ذلك غضباً شديداً، وقال للفضل بن الرَّبيع: أحضره السَّاعة، فبعث الفضل في ذلك، فوجده قد توفِّي، فأمر الرَّشيد بنبشه ليحرقه، فلم يزل الفضل يتلطَّف له حتَّى كفَّ عنه.


[1] في غير (ن): (الهمزة).
[2] شباب: بالفتح وموحدتين الأولى خفيفة بينهما ألف، لقب خليفة بن خياط العصفري، تقريب التهذيب:1/273.
[3] سقطت (أو النمري) من (س)، ومن (ه) سقطت (ربما) بعد قوله: ابن الأثير.
[4] أسد الغابة:2/495.
[5] الهداية والإرشاد:1/328.
[6] رواية المصنف مختصرة، وهو في البخاري برقم (1875) وجاءت نسبته عند البخاري: الشَّنَئِيُّ، وكذا عند مسلم، وقال النووي في شرحه على مسلم 1576: هكذا هو في معظم النسخ، بشين معجمة مفتوحة، ثم نون مفتوحة، ثم همزة مكسورة، منسوب إلى أَزْدِ شَنُوْءَةَ، ووقع في بعض النسخ المعتمدة (الشَنَوِيُّ) بالواو، وهو صحيح على إرادة التسهيل، ورواه بعض رواة البخاري (شنوي) بضم النون على الأصل، كذا قال ابن حجر في فتح الباري:4/92، والبَسُّ: السَّوق، وإرادة السرعة، وقيل معناه: يزينون لأهلهم البلاد التي تفتح، ويدعونهم إلى سكناها.
[7] الهداية والإرشاد:1/329.
[8] في (ن): (تكملة: قال) .
[9] الأنساب:5/525.
[10] في (ن) تصحيفاً: (الضحيات) وكذلك المواضع بعده.
[11] في (ن): (الضيافة).
[12] في (ن) تصحيفاً: (فنزلنا).
[13] والخبر مع البيتين في الأنساب للسمعاني 5/525- 526، وجاء في (س) و(هـ) و(د): (لم تذكر)، وفي هامش (هـ): (لم تكتب).
[14] في (ن) تصحيفاً: (أبو).
[15] في (ن) تصحيفاً: (مدحر).
[16] في غير (ن): (أخبرت).
[17] في غير (ن): (بقبضي).
[18] في (ن): (على).