غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

سعيد بن جبير

          450 # سَعِيْدُ بنُ جُبير _بضمِّ الجيم، وفتح الموحَّدة_ بن هشام، أبو عبد الله، الوالبِيُّ _بالموحَّدة بعد اللَّام المكسورة_ مولى بني والِبة، الأَسَدِيُّ، الكوفيُّ، التَّابعيُّ، الجليلُ القدرِ، المجمعُ على علمه وورعه وإتقانه.
          ثقة ثبت، يلقَّب: جهبذ العلماء، زاهد عابد، مستجاب الدَّعوة. كان له ديك يقوم من اللَّيل بصياحه، فلم يقم ليلة حتَّى أصبح، فلم يصلِّ سعيد تلك اللَّيلة، فشُقَّ عليه، فقال للدِّيك: قطع الله صوته. فما سمع له صوت بعد ذلك.
          وسأل ابنَ عمر رجلٌ عن فريضة، فقال: سل عنها سعيد بن جُبير. وكان ابن عباس إذا أتى أهلُ الكوفة يسألونه، يقول: أليس فيكم سعيدُ بنُ جُبير؟.
          قدم سعيد أصبهانَ، وأخذ عنه من الأصبهانيِّين جماعة، وله ثلاثة(1) بنين، عبد الله، ومحمَّد، وعبد الملك، وكان سعيد نازلاً بسُنْبُلانَ، وكان لا يحدِّث، ثمَّ رجع إلى الكوفة، [فجعل يحدِّث،] فقيل له في ذلك، فقال: أنشر برَّكَ(2) حيث تعرف. /
          وهو ثقة حجَّة على المسلمين، إمام، وجرى لسعيد مع الحَجَّاج بن يوسف _عليه من الله ما يستحقُّ، في قصَّة قتله_ من الصَّبر، وانشراح القلب لقضاء الله، وإغلاظ القول للحجَّاج ما هو مشهور لائق بمرتبته. قال بوَّابُ الحجَّاج: رأيت رأس سعيد بعدما سقط إلى الأرض، يقول: لا إله إلا الله. وقال خَلَفٌ عن رجل: إنَّه لمَّا نَدَر(3) رأسُ سعيد هلَّل ثلاث مرَّات، يفصح بها.
          وأحواله الجميلة كثيرة، وهو من أجلَّة التَّابعين. كان أسود اللَّون، وقال الشَّيخ أبو إسحاق [الشِّيرازيُّ] : كان سعيد بن جبير يلعب بالشَّطرنج استدباراً، يعني تمهَّر فيه حتَّى كان الشَّطرنج وراء ظهره، ويلعب به.
          قال له ابن عبَّاس: حدَّث النَّاس. قال: أحدِّث وأنت هاهنا؟ فقال: أليس من نعمة لله عليك أن تحدِّث، وأنا شاهد؟ فإن(4) أصبت فذاك، وإن أخطأت رددت عليك. وكان لا يستطيع أن يكتب مع ابن عبَّاس في الفتيا، فلمَّا عمي ابن عبَّاس كتب في الفتيا، فبلغه ذلك فغضب.
          وسبب قتله أنَّه كان مع عبد الرَّحمن بن محمَّد بن الأشعث _كما قاله ابن خلِّكان(5)_ لمَّا خرج على عبد الملك، فلمَّا قتل عبد الرَّحمن، وانهزم أصحابه من دير الجَمَاجِم هرب سعيد، فلحق بمكَّة، وكان واليها يومئذ خالد بن عبد الله القَسْرِيُّ، فمسكه، وبعث به إلى الحجَّاج، فقال له الحجَّاج: يا شقيُّ بن كُسَيْر! أما قدمت الكوفة وليس يؤمُّ بها إلَّا عربيٌّ، فجعلتك إماماً؟ قال: بلى. قال: أما ولَّيتك القضاء، فضجَّ أهل الكوفة، وقالوا: لا يصلح للقضاء إلَّا عربيٌّ. فاستقضيت أبا بردة بن أبي موسى الأشعريَّ، وأمرته أن لا يقطع أمراً دونك؟ قال: بلى. قال: أما جعلتك في (سُمَّارِي)، وكلُّهم رؤوس العرب؟ قال: بلى. قال: أما أعطيتك مئة ألف تفرِّقها على أهل الحاجة في أوَّل ما رأيتك، ثمَّ لم أسألك عن شيء منها؟ قال: بلى. قال: فما أخرجك عليَّ؟ قال: بيعة كانت في عنقي لابن الأشعث. فغضب الحَجَّاج، ثم قال: أفما كانت لأمير المؤمنين عبد الملك في عنقك من قبل؟ والله لأقتلنَّك، يا حَرَسِيُّ(6) اضرب عنقه. فضرب عنقه، وكان سعيد يقول: وشى بي واشٍ في بلد الله الحرام، أَكِلُه(7) إلى الله. يعني به خالد بن عبد الله القَسْريَّ(8) ، وكان من تقدير الله تعالى أنَّه بعد سنين عديدة أن تغيَّر على خالد نيَّةُ هشام بن عبد الملك، [فعزله عن العراقين، وولَّى يوسف بن عمر الثَّقفيَّ، ابن عمِّ الحجَّاج، وأمره بمحاسبة خالد، فحبسه، وحاسبه، وعذبه،] ثمَّ قتله في أيَّام الوليد / بن يزيد. قيل: إنَّه وضع قدميه بين خشبتين وعصرهما حتَّى انقصفتا، ثمَّ رفع الخشبتين إلى السَّاقين، وعصرهما حتَّى انقصفتا، ثمَّ إلى وركيه، ثمَّ إلى صُلْبه، فلمَّا انقصف صلبُه مات، وهو في ذلك لا يتأوَّه، ولا ينطق، وكان ذلك في المحرَّم سنة ستٍّ وعشرين ومئة، وكان هذا كلُّه بدعاء سعيد [عليه].
          قال ابن خلِّكان(9) : إنَّ خالداً هذا من ولد شِقٍّ الكاهن، قال: وكان شِقٌّ وسُطَيْحٌ من أعاجيب الدُّنيا، عاش كلُّ واحد منهما ستَّ مئة سنة، وولدا في يوم واحد، فرضعتهما(10) طريفة ابنة الخير الحِمْيَرِيَّة الكاهنة، زوج عمرو بن مِزِيْقِيا بن عامر ماء السَّماء، وتَفَلَتْ في فيهما، وزعمت أنَّهما سيخلفانها(11) في علمها وكهانتها، ثمَّ ماتت من ساعتها، وكان(12) كما زعمت. قال: أمَّا سُطيح، فكان جسداً ملقىً لا جوارح له، وكان وجهه في صدره، ولم يكن له رأس ولا عنق(13) ، وكان لا يقدر على الجلوس إلَّا إذا غضب انتفخ فجلس، وكان شِقٌّ نصفَ إنسان، له يد واحدة، ورجل واحدة، وعين واحدة، وفُتح عليهما من الكهانة ما هو مشهور عنهما. انتهى،
          وقال الفاضل السَّمَرْقَنْدِيُّ في «ضِرام(14) السَّقط»: إنَّه لم يكن في سطيح (عظم) غير عظم رأسه، وكان يُطْوَى طيَّ الثَّوب، وكان إذا غضب قعد بال، وخرج مع الأزد أيَّام سيل العَرِمِ. عاش ثلاث مئة سنة، ومات أيَّام أَنُوْ شُرْوَان، وقد ولد النَّبيُّ صلعم، وكان يخبر بمبعثه. انتهى، وفيه بعض مخالفة لكلام ابن خلِّكان، ولمَّا بلغ الحسن البصريَّ أنَّ الحجَّاج قتلَ سعيدَ بن جبير، قال: اللَّهم ائت على فاسق ثقيف، والله لو أنَّ مَنْ (بين) المشرق والمغرب اشتركوا في قتله لكبَّهم الله تعالى في النَّار.
          عن ابن ذكوان أنَّ الحجَّاج بعث إلى سعيد بن جبير، فأصابه الرَّسول بمكَّة، فلمَّا سار به ثلاثة أيَّام، رآه يصوم نهاره، ويقوم ليله، فقال: والله إنِّي لأعلم أنِّي أذهب بك إلى من يقتلك، فاذهب أيَّ طريق شئت، فقال له سعيد: إنَّه سيبلغ الحجَّاج أنَّك قد أخذتني، فإن خلَّيت عنِّي خفتُ أن يقتلك، فلمَّا دخل(15) ، قال له الحجَّاج: أما والله لأبدلنَّك من دنياك ناراً تلظَّى. قال سعيد: لو علمت أنَّ ذلك إليك ما عبدت إلهاً غيرك. قال: الويل لك من الله. قال: الويل لمن زحزح عن الجنَّة وأدخل النَّار. قال: اضربوا عنقه. قال: إنِّي أشهد أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمداً عبده ورسوله، / استحفظك بها حتى ألقاك يوم القيامة. [فذُبح من قفاه،] فبلغ الحسن [البصريَّ] ذلك، فقال: اللَّهم يا قاصم الجبابرة، اقصم الحَجَّاج. فما بقي إلَّا ثلاثاً حتَّى وقع في جوفه الأكلة والدود حتَّى مات.
          روي في «روض الأفكار» عن أبي شدَّاد العبديِّ أنَّ الحجَّاج أرسل إلى سعيد قائداً من أهل الشَّام يقال له المتلمِّس بن الأَحْوَص، ومعه عشرون من أهل الشَّام، فبينا هم يطلبونه، إذا هم براهب في صومعة(16) ، فسألوه عنه، فقال الرَّاهب: صفوه. فوصفوه له، فدلَّهم عليهم، فانطلَقوا، فوجدوه ساجداً يناجي ربَّه بأعلى صوته، فسلَّموا عليه، فرفع رأسه، وأتمَّ بقيَّة صلاته، ثمَّ ردَّ ‰، فقالوا: أجب الحجَّاج. فقال: ولا بدَّ؟ قالوا: ولا بدَّ. فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، (وصلَّى على نبيِّه)، ومشى معهم حتَّى انتهى(17) إلى دير الرَّاهب، فقال الرَّاهب: يا معشر الفرسان! أصبتم صاحبكم؟ قالوا: نعم. فقال: اصعدوا، فإنَّ اللَّبوة والأسد يأويان حول الدَّيْر. فدخلوا، وأبى سعيد الدُّخول، فقالوا: تريد الهرب؟ قال: لا، ولكن لا أدخل منزل مشرك أبداً. قالوا: فإن(18) ندعك تقتلك السِّباع. قال: لا ضير، إنَّ معي ربي يصرفها عنِّي. قالوا: فأنت نبيٌّ؟ قال: لا، ولكن عبد مذنب. قال الرَّاهب: فليعطني ما أثق به على طمأنينته(19) . فعرضوا على سعيد أن يعطي الرَّاهب، قال: إني أعطي العظيمَ الذي لا شريك له أنِّي(20) لا أبرح من مكاني حتَّى أصبح. فرضي الرَّاهب، قال: ولكن أوتروا القِسِيَّ لتنفِّروا السِّباع عن العبد الصَّالح. فلمَّا أمسَوا إذا بلَبْوَةٍ قد أقبلت، ودنت منه، وتحاكَّتْ به، وتمسَّحت به، ثمَّ ربضت قريباً منه، وهكذا صنع الأسد، فلمَّا رأى الرَّاهب ذلك، وأصبح، نزل إليه فسأله عن شرائع الإسلام، وسنن الدِّين، فقرَّر(21) له سعيد، وأسلم الرَّاهب، وحسن إسلامه، وأقبل القوم على سعيد يعتذرون إليه، ويقبِّلون رجليه، ويقولون: إنَّ حَجَّاجاً قد حلَّفنا بالطَّلاق والعتاق إن نحن رأيناك أن لا ندعك؛ حتَّى نشخصك إليه، فمرنا بما شئت. قال: امضوا لأمركم، فإنِّي لائذ بخالقي، ولا رادَّ لقضائه(22) . فلمَّا انتهوا إلى واسط، قال لهم: لست أشكُّ أنَّ أجلي قد دنا، فدعوني آخذ هذه اللَّيلة أهبة الموت(23) ، وأستعدَّ لمنكر ونكير، فإذا أصبحتم، فالميعاد بيننا الموضع الذي تريدون. فقال بعضهم: قد بلغتم أملكم، واستوجبتم جوائزكم من الأمير، فلا تعجزوا عنه. /
          وقال بعضهم: يعطيكم ما أعطى الرَّاهب، ويلكم! أما لكم عبرة بالأسد؟ وقال بعضهم: لا نريد أثراً بعد عين. وقال بعضهم: عليَّ، أدفعه إليكم إن شاء الله. فنظروا إلى سعيد قد دمعت عيناه، ولم يكن يضحك منذ يوم لقوه وصحبوه، فقالوا له: يا خير أهل الأرض! ليتنا لم نعرفك، الويل لنا طويلاً، كيف ابتلينا بك؟ اعذرنا عند خالقنا. قال سعيد: ما أعذرني لكم، وأرضاني لما سبق من علم الله تعالى فيَّ! ثمَّ قال له كفيله: يا سعيد! أسألك الله أن تزوِّدنا من دعائك، فإنَّا لن نلقى مثلك أبداً. ففعل، وخلَّوا سبيله، فلمَّا انشقَّ(24) الصُّبح جاءهم سعيد، وقرع الباب، فنزلوا إليه، وبكَوا جميعاً طويلاً، ثمَّ دخلوا على الحَجَّاج، فقال: أتيتم(25) بسعيد بن جبير؟ قالوا: نعم. وعاينَّا منه العجب. فصرف وجهه عنهم، وقال: أدخلوه عليَّ. فأُدخل، فقال: ما اسمك؟ قال: سعيد بن جبير. قال: أنت شَقِيُّ بنُ كُسَيْر. قال: بل أمِّي كانت أعلم باسمي منك. قال: شقيتَ أنتَ، وشقيتْ أمُّك. قال: الغيب يعلمه غيرك. قال: لأبدلنَّك بالدُّنيا ناراً تلظَّى. قال: لو علمت أنَّ ذلك بيدك لاتَّخذتك إلهاً. قال: فما قولك في محمَّد؟ قال: نبيُّ الرَّحمة، وإمام الهُدى. قال: فما قولك في عليٍّ، أفي الجنَّة هو أم في النَّار؟ قال: لو دخلتها فرأيت أهلها عرفت من فيها. قال: فما قولك في الخلفاء؟ قال: لست عليهم بوكيل. قال: فأيُّهم أعجب إليك؟ قال: أرضاهم لخالقي. قال: فأيُّهم أرضى للخالق؟ قال: علم ذلك عند الذي يعلم سرَّهم ونجواهم. قال: أبيت أن تصدقني. قال: لأنِّي لم أحبَّ أن أكذبك. قال: فمالك لم تضحك؟ قال: كيف يضحك مخلوق خلق من الطِّين؟ والطِّين تأكله النَّار. قال: فما بالنا نضحك؟ قال: لم تستو القلوب. ثمَّ أمر الحجَّاج باللَّؤلؤ والزَّبرجد والياقوت، فجمعه بين يدي(26) سعيد، فقال: إن كنت جمعت هذا لتفتدي به من فزع يوم القيامة فصالح، وإلَّا ففزعة واحدة تذهل كلُّ مرضعة عمَّا أرضعت، ولا خير في شيء جمع للدُّنيا(27) إلَّا ما طاب وزكى. ثمَّ دعا الحجَّاج بالعود والنَّاي، فلمَّا ضرب العود، ونفخ في النَّاي، بكى سعيد، قال: ما يبكيك هو اللَّهو؟ قال: بل الحزن، تذكَّرت يوم ينفخ في الصُّور. فقال الحجَّاج: اختر أيَّ قِتْلَة تريد أن أقتلك بها؟ قال: اختر أنت لنفسك، فوالله ما / تقتلني قتلة إلَّا قتلت مثلها في الآخرة. قال: فتريد أن أعفو عنك؟ قال: إن كان العفو فمن الله، وأمَّا أنت فلا(28) براءة لك، ولا عذر. قال: اذهبوا به فاقتلوه. فلمَّا خرج من الباب ضحك، فأُخبر بذلك الحجَّاج، فأمر بردِّه، فقال: ما أضحكك؟ قال: عجبت من جرأتك على الله وحلم الله عنك. فأمر بالنِّطْع، فبسط، فقال: اقتلوه. فقال سعيد: { وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [الأنعام:79] قال: حوِّلوه لغير القبلة. قال: { فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ } [البقرة:115] قال: كبوه على وجهه. قال: { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } [طه:55] (قال): اذبحوه. فقال: (أما) إنِّي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمَّداً عبده ورسوله صلعم، خذها منِّي حتَّى تلقاني يوم القيامة. ثمَّ دعا سعيد، وقال: اللَّهم لا تسلِّطه(29) على أحد بعدي يقتله. فذبح على النِّطْع، ☺، وعاش الحجَّاج بعدها أياماً قلائل. قيل: ثلاثة أيام. وقيل: خمسة عشر. وقيل: أكثر من ذلك. فسلَّط الله على الحجَّاج البرودة؛ حتَّى كان النَّار حوله، ويضع يده على الكانون، يحترق الجلد، ولا يَسْتَحِسُّ بالحرارة، ووقعت الأكلة في داخله والدُّود، فبعث إلى الحسن البصريِّ، فقال: أما قلت لك: لا تتعرَّض بالعلماء؟ فقتلت سعيداً. قال: أما إنِّي ما طلبتك لتدعو لي، ولكن ليريحني الله ممَّا أنا فيه. فهلك، وكان ينادي بقيَّة حياته: مالي ولسعيد بن جبير؟ كلَّما أخذني النَّوم أخذ برجلي(30) . ويقال: إنَّ الحجَّاج لمَّا حضرته الوفاة كان يُغمى عليه، ثمَّ يفيق، فيقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟ [ويُقال: إنَّه كلَّما نام رأى سعيداً أخذ(31) بمجامع ثوبه، يقول له: يا عدوَّ الله فيمَ قتلتني؟ فيستيقظ مذعوراً، فيقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟] ويقال: إنَّه رؤي [الحجَّاج] في النَّوم بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: قتلني بكلِّ قتيل قتلته مرَّة، وقتلني بسعيد بن جبير سبعين قتلة.
          عن الرَّبيع بن أبي مسلم قال: دخلت على سعيد بن جبير حين جيء به إلى الحجَّاج، وهو موثق، فبكيت، فقال: ما يبكيك؟ قلت: الذي أرى بك. قال: لا تبك، إنَّ هذا كان في علم الله أن يكون. ثمَّ قرأ { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا } [الحديد:22]
          قال أبو نصر الكلاباذي(32) : / سمع سعيدٌ: ابنَ عبَّاس، وابن عمر، وعمرو بن مَيْمُون، وأبا عبد الرَّحمن السُّلَمِيَّ. روى عنه: عمرو بن دينار، وحبيب بن أبي ثابت، وأيُّوب، والحكم، وكثير بن كثير، [منصور بن المعتمر،] والأعمش، وابنه عبد الله بن سعيد. نقل عنه البخاريُّ بالواسطة، في أوَّل صحيحه، في كتاب بدء الوحي [خ¦4] ، وفي غير ذلك. قتله الحجَّاج سنة خمس وتسعين، في ذي القعدة، وهو ابن بضع وأربعين، لم يستكمل خمسين سنة، ولم يقتل الحَجَّاُج بعده أحداً، وذلك في ولاية الوليد بن عبد الملك، ومات الحجَّاج بعده في رمضان، وقيل في شوَّال. وقيل بعده بستَّة أشهر. ولا يعرف قبر الحجَّاج؛ لأنَّهم طمسوه بواسط، وأَجْرَوا الماء عليه.


[1] في (ن): (ثلاث).
[2] في غير (ن): (بِزَّك).
[3] في (ن) تصحيفاً: (قدر).
[4] في غير (ن): (فإذا).
[5] وفيات الأعيان:2/373.
[6] في (ن) تصحيفاً: (يا جري).
[7] في غير (ن): (أكل أمره).
[8] انظر في أخبار سعيد بن جبير وفيات الأعيان:2/373، وطبقات ابن سعد:6/257.
[9] وفيات الأعيان:2/231.
[10] في غير (ن): (فدعتهما).
[11] في (ن) تصحيفاً: (يستخلفانها).
[12] في (ن) تصحيفاً: (وكانت).
[13] في (ن) تصحيفاً: (ولا عين).
[14] في (ن) تصحيفاً: (خزانة).
[15] في غير (ن): (أدخل).
[16] في غير (ن): (صومعته).
[17] في غير (ن): (انتهوا).
[18] في غير (ن): (فلن).
[19] في غير (ن): (طمأنينة).
[20] في غير (ن): (أن).
[21] في غير (ن): (ففسر).
[22] في (ن): (فإني أعلم أن لا راد لقضائه).
[23] في غير (ن): (للموت).
[24] في (ن) تصحيفاً: (أشق).
[25] في غير (ن): (أتيتموني).
[26] في (ن) تصحيفاً: (يديه).
[27] في الأصول (من جميع الدنيا) والتصحيح من تهذيب الكمال:10/372.
[28] في (ن): (فما نراه لك).
[29] في (ن) تصحيفاً: (تسلط).
[30] قال الذهبي في السير:4/332: هذه حكاية منكرة غير صحيحة، ورواها أبو نعيم في الحلية:4/291.
[31] في (ن) تصحيفاً: (أخذا).
[32] الهداية والإرشاد:1/283.