غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

سعد بن مالك بن سنان الخزرجي

          436 # سَعْدُ بنُ مالكِ بن سِنَان الخَزْرَجِيُّ، الخُدْرِيُّ _بضمِّ المعجمة، وسكون المهملة_ منسوب إلى أحد أجداده، أو إحدى جدَّاته، قاله الكرماني(1) . أبو سعيد الصَّحابيُّ، الأنصاريُّ، المدنيُّ، ابن الصَّحابيِّ، وهو مشهور بكنيته.
          من مشاهير الصَّحابة وفضلائهم، ومن المكثرين من الرِّواية عنه، وأوَّل مشاهده الخندق، وغزا مع رسول الله صلعم اثنتي عشرة(2) غزوة.
          عن أبي سعيد الخدريِّ قال: قال رسول الله صلعم: «إنَّ أهل الدَّرجات العُلَى لَيَرون من تحتهم كما ترون النَّجم الطَّالع في أفقٍ من أفق السَّماء، وأبو بكر [وعُمر] منهم وأَنْعَمَا»(3) .
          قال أبو سعيد: قُتل أبي يوم أُحُد شهيداً، وتَرَكَنا من غير مال، فأتيت رسول الله صلعم أسأله شيئاً، فحين رآني قال: «من استغنى بالله أغناه الله، ومن يستعفف أَعفَّه الله». قلت: ما يريد غيري. فرجعت(4) .
          وهو ممَّن له عقب من الصَّحابة، وكان يُحْفِي شاربه، ويصفِّر لحيته، وهو منسوب إلى خُدْرَةَ بنِ عَوْفِ بن الحارث، وخُدرة وخُدارة أَخَوان، بطنان من الأنصار، / فأبو سعيد من خُدرة، وأبو مسعود من خُدارة، وأبو سعيد أخو قَتَادَةَ بنِ النُّعْمَان لأمِّه، وكان من الحفَّاظ لحديث رسول الله صلعم المكثرين، العلماء الفضلاء العقلاء.
          قال أبو سعيد: عُرضت على رسول الله صلعم يوم أُحد، وأنا ابن ثلاث عشرة سنة(5) ، فجعل أبي يأخذ بيدي، ويقول: يا رسول الله، عَبْل(6) العظام، فردَّني. قال: وخرجت مع رسول الله صلعم في غزوة بني المصطلق. قال الواقدي: وهو ابن خمس عشرة(7) سنة.
          روى ألف حديث ومئة وسبعين حديثاً، ذكر البخاريُّ منها اثنين وستين حديثاً، قال العلماء: لم يكن في أحداث الصَّحابة أفقه _وفي رواية أعلم_ من أبي سعيد الخدريِّ.
          روى عنه: ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وخارج الصَّحيح: زيد بن ثابت، وابن عبَّاس، وابن الزُّبير، وأنس، ومن التَّابعين: أبو سلمة، وأبو صالح، وعبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، وحُميد بن عبد الرَّحمن، وعطاء ين يَسَار.
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة، في باب من الدِّين الفرار من الفتن، من كتاب الإيمان [خ¦19] ، وغير موضع.
          مات سنة أربع وستِّين، (أو سبعين،) ودفن بالبقيع، مقبرة المدينة.
          فائدة:
          سَنَح لي أن أذكر والد (أبي) سعيد، وإن لم يكن من رجال البخاريِّ؛ تكميلاً للفائدة، فإنَّه من خيار الصَّحابة.
          روى أبو سعيد الخدريُّ قال: أصيب وجه رسول الله صلعم يوم أُحُد، فاستقبله مالك بن سِنَان _يعني أباه_ فمسح الدَّم عن رسول الله صلعم، ثمَّ ازْدَرَدَهُ، فقال رسول الله صلعم: «من أحبَّ أن ينظر إلى من خالط دمي دمه، فلينظر إلى وجه مالك بن سِنَان، ومن خالطه دمي لم تمسَّه النَّار»(8) .
          قال: وطَوَى مالكُ بنُ سِنَان، _يعني أباه_ ثلاثة أيام _يعني ما أكل شيئاً_ ولم يسأل أحداً، فقال رسول الله صلعم: «من أراد أن ينظر إلى العفيف المسألة، فلينظر إلى مالك بن سِنَان».(9)
          استشهد يوم أُحُد، قتله عرابُ(10) بن سُفْيَان الكِنَانيُّ، ☺، وعن ابنه.


[1] شرح البخاري:1/109.
[2] في الأصول: (اثني عشر) وهو تصحيف، وقد سقطت (عمر) من كل النسخ واستدركت من الحديث.
[3] مسند أحمد (10774) بلفظ مقارب، وهو في أسد الغابة بلفظه مع الترجمة:1/438.
[4] البخاري (1469).
[5] في (ن): (ثلاث عشر) وسقطت من (ه): (سنة).
[6] في (ن) تصحيفاً: (عبلى)، والعَبْل: الممتلئ، وانظر أخباره في أسد الغابة:2/451.
[7] في الأصول (خمسة عشر).
[8] مستدرك الحاكم (6386) وقال الذهبي: إسناده مظلم.
[9] جاء في كل النسخ بعد الحديث مباشرة ما نصه: (النَّمَري _وفي بعضها النميري_ أخي صهيب بن سنان) اهـ . ولا شك أن هذه زيادة أقحمها المؤلف من الترجمة الآتية بعد ترجمة مالك بن سنان في أسد الغابة:5/25، لأن المؤلف ينقل عنه، والصحيح ما أثبته.
[10] في (ن) تصحيفاً: (عزاب).