غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

سليمان بن حرب

          509 # سُلَيْمَانُ بنُ حَرْب، أبو أيُّوب الواشِحِيُّ _بكسر المعجمة، والحاء المهملة، بطن من أَزْد_، الأَزْدِيُّ، ابن بَجِيْل، بفتح الموحَّدة، وكسر الجيم، آخره لام.
          إمام، ثقة، حافظ، عاش ثمانين سنة(1) ، كان قاضي مكَّة، قلَّده المأمون قضاء مكَّة، ثمَّ عزله، فرجع إلى البصرة، ومات بها.
          سمع: شُعبةَ، وحَمَّادَ بنَ زيد، ووُهَيْبَاً، وخارج الصَّحيح، سمع حَمَّاد بن سَلَمَةَ، ومُبَارَكَ بنَ فَضَالَةَ، وسعيد بن زيد بن درهم.
          روى عنه البخاريُّ بلا واسطة في مواضع، أوَّلها: في باب من كره أن / يعود في الكفر(2) ، من كتاب الإيمان [خ¦21] .
          وروى عنه يحيى القطَّان، وأحمد بن حنبل، وابن راهويه، والذُّهْليُّ، والحجَّاج بن الشَّاعر، وهؤلاء شيوخ البخاريُّ، وقد شاركهم في الرِّواية عن سليمان، وهذا أحد ضروب عُلُوِّ(3) روايته.
          أجمعوا على جلالة سليمان، وإمامته(4) ، وديانته، وصيانته.
          وروى عنه أبو الوليد الأَزرقيُّ، وأبو خَليفة الفَضْل بن الحُبَاب الجُمَحِيُّ، وأبو زُرعة، وأبو حاتم الرَّازِيَّان، وغيرهم.
          ولد سنة أربعين ومئة في صفر. قال أبو حاتم: سليمان إمام من الأئمَّة، كان لا يدلِّس، ويتكلَّم في الرِّجال. قرأ الفقه، وليس بدون عَفَّانَ(5) ، ولعلَّه أكبر منه(6) ، وقد ظهر حديثه نحواً من عشرة آلاف حديث، ما رأيت في يده كتاباً قطُّ، وهو أحبُّ إليَّ من أبي سلمة، في حمَّاد بن سلمة(7) ، وفي كلٍّ شيء، ولقد حضرت مجلس سليمان بن حرب ببغداد، فحزروا من حضر مجلسه أربعين ألف رجل، وكان مجلسه عند قصر المأمون، فبني له شبه(8) منبر، فصعد سليمان، وحضر حوله جماعة من القوُّاد، عليهم السَّوَّاد، والمأمون فوق قصر(9) قد فتح باب القصر، وقد أُرسِلَ سِتْرٌ شفَّاف، وهو خلفه يكتب ممَّا يملي(10) ، فسئل أوَّل شيء حديث حَوْشَب بن عَقِيْل، فلعلَّه قال: حوشب بن عقيل أكثر من عشر مرات، وهم يقولون: لا نسمع. فقام مستمل ومستمليان وثلاثة كلُّ ذلك يقولون: لا نسمع. حتَّى قالوا: ليس الرَّأي إلَّا أن يحضر هارون المستملي. فذهب جماعة فأحضروه، فلمَّا حضر قال: من ذكرت؟ فإذا صوته الرعد، فسكتوا، وقعد المستملون كلهم، واستملى هارون، فكان لا يُسأل عن حديث إلَّا حَّدث من حفظه، فقمنا من مجلسه، فأتينا عفَّان، فقال: ما حدَّثكم أبو أيُّوب؟ وإذا هو يعظِّمه.
          جاء رجل إلى سليمان، فقال: إنَّ مولاك فلاناً(11) قد مات، وخَلَّف قيمة عشرين ألف درهم. فقال: فلان أقرب إليه منِّي، المال لذاك دوني. قال: وهو يومئذ محتاج(12) إلى درهم.
          قال الخطيب: حدَّث عنه يحيى القطَّان، وأبو خليفة، وبين وفاتيهما مئة وسبع سنين. توفِّي القطَّان سنة ثمان وتسعين ومئة، وأبو خليفة سنة خمس وثلاث مئة. توفِّي سليمان سنة أربع وعشرين ومئتين.


[1] جاء في هامش (ه) بدون إحالة ما نصه: هذا مخالف لما يأتي آخر الترجمة من أن وفاته كانت سنة أربع وعشرين ومئتين، فعلى هذا يكون قد عاش أربعاً أو خمساً وثمانين، اللهم إلا أن يقال: مفهوم العدد ليس بحجة أو يكون المراد هنا بيان العقود لا الآحاد، فتدبر.
[2] في غير (ن) و(س): (إلى الكفر).
[3] سقطت (علو) من (س).
[4] في غير (ن): (أمانته).
[5] في (س): (عثمان) وهو تصحيف.
[6] في النسخ كلها سوى (ه): (لعله أكثر منه).
[7] في غير (ن): (وحماد بن سلمة).
[8] في غير (ن): (شبيه).
[9] في غير (ن): (قصره).
[10] في غير (ن): (ما يملي).
[11] في (ن): (فلان).
[12] في غير (ن): (محتاج يومئذ).