غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

سعيد بن الحكم

          452 # سَعِيْدُ بن الحَكَم _بفتحتين_ بن محمَّد بن أبي مريم، أبو محمَّد الجُمَحِيُّ _بضمِّ الجيم، وفتح الميم، آخره مهملة_ المصريُّ.
          ثقة ثبت فقيه، من أكابر أهل زمانه، من موالي بني جُمَح، حافظ متقن.
          قال أحمد بن عبد الله: كان ثقة، وله دهليز طويل، وكان الرَّجل يأتيه، فيسلِّم عليه، فيردُّ عليه: لا سلَّم الله عليك، ولا حفظك. [فأقول: ما لهذا؟ قال: قدريٌّ خبيث] . ويأتي آخر، فيقول [له] مثل ذلك، فيقول: [جهميٌّ خبيث. ويأتي آخر، فيقول مثل ذلك،] رافضيٌّ خبيث. وكان عاقلاً، لم أر بمصر أعقل منه، ومن [عقل] عبد الله بن عبد الحكم.
          قال الكرمانيُّ: روي أنَّه أتاه رجل، فسأله كتاباً ينظر فيه، أو سأله أن يحدِّثه، فامتنع، وسأله رجل آخر في ذلك، فأجابه، فقال له الأوَّل: أجبته(1) ، ولم تجبني، وليس هذا حقُّ العلم. فقال سعيد بن أبي مريم: إن كنت تعرف الشَّيْبَانيَّ من السَّيْبَانيِّ(2) وأبا جَمْرَة من أبي حَمْزَة _وكلاهما يروي عن ابن عباس_ خصصناك كما خصصناه به. قلت: وفي هذا تحريض على تعلُّم(3) العلم الذي يعرف الرِّجال به، فإنَّه أمر مهمٌّ، وباب كبير.
          فاعلم أنَّ شُعبة يروي عن سبعة(4) كلُّهم أبو حمزة _بالمهملة والزَّاي_ عن ابن عبَّاس إلَّا الواحد منهم، وهو نَصْرُ بنُ عِمْران بن عصام الضُّبَعيُّ، فإنَّه أبو جَمْرة _بالجيم والرَّاء_ وليس في الصَّحيحين، بل ولا في الكتب السِّتَّة_كما قال الحاكم أبو أحمد_ من يُسمَّى / جمرة أو أبا جمرة سوى هذا، فهو من الأفراد، وقد مرَّ، فتأمَّل.
          قال الكرمانيُّ: يروي البخاريُّ مرَّة عن سعيد بن أبي مريم من غير واسطة، وتارة عن محمَّد بن عبد الله عنه. يعني بالواسطة، قال أبو نصر: سمع سعيد أبا غسَّان محمَّد بن مُطَرِّف، وسليمان بن بلال، ومحمَّد بن جعفر بن أبي كثير، والمغيرة(5) .
          روى عنه البخاريُّ بلا واسطة في مواضع، أوَّلها: في باب من سمع شيئاً فلم يفهم، من كتاب العلم [خ¦103] ، وروى عنه بواسطة محمَّد بن عبد الله عنه، في سورة الكهف [خ¦4729] .
          ولد سنة أربع وأربعين ومئة، ومات سنة أربع وعشرين ومئتين.


[1] في غير (ن): (أجبت هذا).
[2] سقطت (من السيباني) من غير (ن)، والشيباني هو: سعد بن إياس، والسيباني بالمهملة هو أبو عمرو زُرْعَة، وأبو حمزة عمران بن أبي عطاء، وقول الكرماني في شرح البخاري:2/100.
[3] في غير (ن): (طلب).
[4] في (ن) تصحيفاً: (شعبة).
[5] هو المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، وقول أبي نصر في الهداية والإرشاد:1/284.