التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب: إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانًا في الجاهلية ثم أسلم

          ░29▒ (بَابُ إِذَا نَذَرَ، أَوْ حَلَفَ: أَنْ لاَ يُكَلِّمَ إِنْسَانًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَسْلَمَ)
          (فِي الجَاهِلِيَّةِ) ظرف لقوله: (نَذَرَ)، وهي زمانُ فترة النبوَّات قبل بعثة نبيِّنا صلعم ، وكان نذرُ عمر الاعتكاف ذلك الزمان. وقوله: (ثُمَّ أَسْلَمَ) أي النَّاذر.
          وفي نذر عمر أنَّ الصوم ليس شرطًا في صحَّة الاعتكاف؛ لأنَّ اللَّيل غير قابل للصَّوم، وقد أُمِر بالوفاء وهو حجَّة على الحنفية، فإن قلتَ: شرطُ صحَّة النَّذر إسلام النَّاذر. قلتُ: أمر عمر بالوفاء أمر ندبٍ، وحاصله أنَّ النَّذر إلزام وهذا لم يلزمه. وقيل: إنَّ معنى قول عمر: (فِي الجَاهِلِيَّةِ) أي في زمانها وهو مسلم، وهو خلاف ما فهمه البخاري وبوَّب عليه. قال أبو الحسن القابسي: ولم يأمره الشَّارع بالوفاء على جهة الإيجاب؛ بل على وجه النَّدب. وقيل: أراد ◙ إعلامهم بأنَّ الوفاء بالنذر آكَد الأمور لغلَظِ أمره بأنْ جعله لازمًا لعمر وإنْ كان أصل الْتزامه في الجاهلية؛ لأنَّهم كانوا حَديثي عهدٍ بكفر ليؤكِّد عندهم إيجابه. واختلف العلماء في إيجاب الوفاء بنذر الكافر إذا أسلم، والأصحُّ في مذهبنا اسْتحبابه، ونقَلَ ابن بطَّال عن الشَّافعي وأبي ثور إيجابه.