التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب: إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى أو قرأ أو سبح

          ░19▒ (بَابُ إِذَا قَالَ: وَاللهِ لاَ أَتَكَلَّمُ اليَوْمَ، فَصَلَّى، أَوْ قَرَأَ، أَوْ سَبَّحَ، أَوْ هَلَّلَ، أَوْ كَبَّرَ، أَوْ حَمِدَ، فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ)
          أي إنْ قصد بالكلام ما هو الكلام عُرفًا لم يحنث بهذه الأذكار والقرآن والصَّلاة، وإنْ قصد الأعمَّ حَنث بها.
          قوله: (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : أَفْضَلُ الكَلاَمِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ) هذا رواه سَمُرَةُ بن جُنْدُب. قال العلماء: هذا محمول على أنَّه أفضل كلام البشر، وإلَّا فالقرآن أفضل مِن التَّسبيح والتَّهليل المطلق.
          وأمَّا المأثور في وقتٍ أو حالٍ فالاشتغال به أفضل مِن الاشتغال بالتِّلاوة، والموجب لفضلها اشتمالها على جميع أنواع الذِّكر مِن التَّنزيه والتَّحميد والتَّوحيد والتَّمجيد، وكونها جامعة (1) للمعارف الإلهية. والتَّسبيحُ: تقديس لذاته عمَّا لا يليق بجلاله وتنزيه لصفاته مِن النقائص، والتَّمجيد منه على معنى الفضل والإفضال مِن الصِّفات الذَّاتية والإضافية، والتَّهليلُ توحيد للذَّات ونفي الضدِّ والنِّدِّ، وتنبيهٌ على التبرِّي عن الحول والقوَّة إلَّا به، واختتامها بالتَّكبير اعتراف / بالتقصير في الأفعال والأقوال. وقد أقام الكِرْمَاني ذلك سؤالًا فقال: إن قلتَ: ما وجه الأفضلية؟ قلت: فيه إشارة إلى جميع صفات الله تعالى العَدمية والوجودية إجمالًا؛ لأنَّ التَّسبيح إشارة إلى تنزيهه تعالى عن النقائص، والتَّحميد إلى وصفه بالكمالات، فالأوَّل فيه نفي النقائص، والثَّاني فيه إثبات الكمال، والثَّالث إلى تخصيص ما هو أصل الدِّين وأساس الإيمان يعني التوحيد، والرَّابع إلى أنَّه أكبر ممَّا عرفناه، سبحانه ما عرفناه حقَّ معرفته، سبحانه ما عبدناه حقَّ عبادته.
          قوله: (وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ) هو صخر بن حرب الأمويُّ أبو معاوية.
          قوله: (كَتَبَ النَّبِيُّ صلعم إِلَى هِرَقْلَ) _بكسر الهاء وفتح الراء وإسكان القاف_ وهو قيصر ملك الروم. وهذا التَّعليق والذي قبله قدَّمهما البخاري مُسْنَدَين.
          قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {كَلِمَةَ التَّقْوَى}[الفتح:26]: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أي كلمة التَّقوى في قوله تعالى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى}[الفتح:26] أي ألزمهم الثبات على كلمة التَّقوى، وهي التي يُتَّقَى بها الشِّركُ، وهي كلمة التوحيد.


[1] في الأصل:((جامعين)).